الوفد
علاء عريبى
عداد مياه
فى مدخل العمارة على اليمين كان تابلوه أو صندوق خشبى بداخله عدادات المياه، لكل شقة عداد، قطعة نحاس فى قمتها ما يشبه ميناء الساعة مغطاة بقطعة زجاجية، ربما كان على ميناء العداد رقم العداد، وربما كان الرقم محفورا أو بارزا على المحيط النحاسى، يفصل العداد بين ماسورة المياه القادمة من الخط الرئيسى للعمارة، وبين الماسورة التى تحمل المياه إلى الشقة.
الأطفال غاليا ما كانوا يحطمون زجاج الميناء، وعادة ما كانوا يعبثون بالمؤشر، شركة المياه كانت تتغلب على عبث الأطفال بإلزام مالك العمارة بتركيب صندوق لحمايتها، وكان يفد أحد موظفيها إلىّ بدفتر وقلم لقراءة عدادات المياه، وأذكر مع بداية كل شهر أو الأسبوع الأول منه كنا نذهب إلى فرع تحصيل الفواتير، نقف فى طابور طويل لكى نسدد قيمة ما استهلكناه طوال الشهر، عندما يكتشف أحد المواطنين أن الفاتورة مبالغ فيها، كان يقدم شكوى فى شباك مجاور خصص لتلقى الشكاوى، وكانت الشركة تفد بعض الفنيين لفحص العداد، وغالبا ما يجدونه مشوه المعالم، ومن الصعب الحصول منه على قراءة، وقد يكون العداد قد فوت على حسب تعبيرهم، وكان الفنى يثبت الحالة ويطلب من صاحب العداد التوجه للشركة لتسديد رسوم تركيب عداد جديد.
بعد فترة، ربما خلال دراستنا الجامعية، كان أحد الأصدقاء يحكى عن تأجيرهم شقة جديدة، فنبهته إلى عداد المياه، وحذرته من تركيبه فى مدخل العمارة، واقترحت عليه أن يقوم بتركيبه داخل الشقة، وأكدت له ان الأطفال كان يقومون بتحطيمه بقطعة حجر، وهنا ستقوم الشركة بتغريم والدك بمبلغ ما نظير تحطيم العداد وبمبلغ آخر مقابل تركيب العداد الجديد، قبل أن أنهى اقتراحى فوجئت بالصديق فطسان على نفسه من الضحك، ونظر إلى والدموع تسيل من عينيه، وهو يمسك بمعدته:
ـــ ياااه دا أنت قدييييييم قوىىىى
ــ بجد، بابا الله يرحمه دفع غرامة وركب عداد جديد
ــ يا عم القديم عداد ايه وغرامة مين
ــ وربنا أنت مش مصدق
ــ الموضوع ده خلص من زمااااااااااااان، هو انت كنت مسافر
ــ موضوع إيه
ــ عداد أبوك
ــ ازاى
ــ الحكومة لغت العدادات
ــ بتهرج
ــ مش بقولك: أنت كنت فى الكهف ولسه راجع
ــ وحق المياه
ــ جزافا، بتقديرات ظنية
ــ طيب والعداد
ــ بيركب لكل عمارة، السليم منها بيرفعوا منه القراءة، وتتقسم على الشقق
ــ ده ظلم. الأسر الصغيرة تدفع ليه زى الكبير
ــ الحكومة عايزة كده
ــ طيب ما يرجعوا تانى العداد، هيستفيدوا من سعر بيعه وتركيبه، ومن تقديرات حقيقية للاستهلاك
ــ قول الكلام ده للحكومة
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف