أحمد سليمان
السعودية والإخوان "دونت ميكس"
"قطعت جهيزة قول كل خطيب".. وجهيزة هي الجارية التي دخلت علي قوم يتناقشون حول إقناع قبيلة أحد القتلي بقبول الدية من قبيلة القاتل. وأخبرتهم بأن مجموعة من أهل القتيل قتلت القاتل. وبذلك قطعت جهيزة المناقشات والمفاوضات حول قبول الدية. وسارت مثلاً.
وبالمثل نستطيع القول إن عادل الجبير وزير الخارجية السعودية قطع قول كل الخطباء الذين تكهنوا بأسباب ونتائج زيارة وفد حركة حماس بقيادة خالد مشعل للمملكة السعودية منذ أيام.. وتوقع الكثيرون أن تكون الزيارة بهدف التوسط لدي النظام المصري لإعادة الإخوان للمشهد أو للإفراج عن قيادات الجماعة أو تخفيف أحكام الاعدام الصادرة بشأنهم أو بهدف نية السعودية الاستعانة بكوادر حماس في الحرب علي الحوثيين باليمن أو لمواجهة المد الشيعي في الخليج وهو ما كان يعني منح جماعة الإخوان قبلة الحياة لتعود إلي الوجود من جديد.
أعلنها الوزير السعودي بكل قوة وصراحة وبشكل مباشر أسكت الصائدين في الماء العكر من الإخوان ومؤيديهم وداعميهم وقال في المؤتمر الصحفي الذي عقده في الرياض بحضور سامح شكري وزير الخارجية: إن وفد حركة حماس لم يزر السعودية بشكل رسمي إنما كانت زيارة خالد مشعل القيادي بالحركة وبعض رفاقه بغرض أداء العمرة وحضور صلاة العيد بالحرم المكي ثم جاء الوفد وسلم علي خادم الحرمين الشرفين للتهنئة بالعيد.
لم يكتف وزير الخارجية السعودي بهذا التوضيح الذي طالبت به في هذا المكان منذ يومين بل زاد عليه بأن السعودية تدعم جهود مصر للحفاظ علي أمنها القومي ومكافحة الارهاب وهذا يؤكد ضمنياً أن السعودية مع مصر ضد الارهاب وممارسات الإخوان.
وقال الجبير إن بعض الاشخاص الذين يطلق عليهم محللون سياسيون هم من يختلقون فتنة ويتوهمون أشياء غير حقيقية وغير مهمة.
وقال سامح فهمي -وهذا مهم جداً ويحمل معاني كثيرة- إن زيارته للسعودية جاءت بتكليف من الرئيس السيسي لبحث دعم العلاقة الاستراتيجية والتكامل والتضامن والتأكيد علي حماية الأمن القومي المصري والسعودي والعربي بصفة عامة والحفاظ علي الهوية العربية والاسلامية بوصف الدولتين هما الركيزة الأساسية لهذا الأمن القومي وأكد فهمي أنه وجد تطابقاً في الرؤي ووجهات النظر في أسلوب التعامل مع التحديات الحالية وأن الدولتين سوف تتحدثان بصوت واحد مستقبلاً.
بعد الواقعتين الأخيرتين المتمثلتين في تصريح الكاتب الصحفي محمد حسانين هيكل عن قرب سقوط النظام في المملكة وزيارة مشعل ورفاقه للسعودية ولقاء الملك سلمان بهم جاء التحرك المصري السريع لاحتواء أي سوء تفاهم قد ينشب عقب تصريحات هيكل ولاستيضاح الحقائق حول زيارة مشعل وهذا يؤكد أننا لدينا نظام يدرك تماماً مخاطر الأمن القومي ولا يترك الأمور التي تؤثر فيه مهما كانت صغيرة تمر مرور الكرام بل لابد من حسمها وبشكل واضح وسريع وهذا ما تم فعلاً خلال زيارة الوزير سامح شكري للسعودية فقد تم وضع النقاط فوق الحروف أمام الجميع في الداخل والخارج.
هذه الزيارة أنهت جدلاً طويلا حول دعم الملك سلمان ملك السعودية لجماعة الإخوان المسلمين وهذا ما تم نفيه علي لسان وزيري خارجية البلدين خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعلنا فيه تطابق وجهات النظر حول مخاطر الأمن القومي لدي البلدين وأن مصر والسعودية هما صمام الأمان للمنطقة العربية ولابد من التنسيق بينهما واستمرار التشاور المشترك وهذا بالطبع يعني أن جماعة الإخوان خارج الصورة التي تجمع مصر والسعودية.
هذه هي السعودية التي نعلمها جيدا ونراهن عليها أمام العالم بأنها بلد المبادئ والقيم والأصالة والحريصة علي الأمن القومي العربي بعيداً عن ألاعيب السياسة.. وعلاقة السعودية بمصر لن تعوضها علاقتها بأي فصيل آخر في العالم.. لا الإخوان ولا غيرهم.. فكما علمنا جميعا وعن تجربة أن "المتغطي بالإخوان عريان".. وأعتقد أن السعودية ونظام الحكم فيها أصبحوا يعلمون ذلك جيداً.