محمد العزاوى
أين إدارة الأزمات من كارثة الوراق؟!
تلجأ دائما الدول المتقدمة للاستفادة من علم إدارة الأزمات وتحاول بشتي الطرق حماية مواطنيها وتصحيح أخطاء أجهزتها في التعامل مع كارثة أو حادثة سواء كانت بسبب أخطاء بشرية أو عوائق طبيعية.. تعرضنا جميعا للصدمة خلال الأيام الماضية بعد كارثة غرق أحد المراكب في الوراق وراح ضحيته أكثر من 30 شخصا.. وفي كل مرة تحدث فيها كارثة مشابهة نكتشف ان هناك ثغرات تكتنف هذه الحوادث ويجب أن نبادر جميعا لاتخاذ الإجراءات لسد هذه الثغرات وحماية المجتمع من المفاجآت والأزمات التي تعطل مسيرة الحياة.
هذه المأساة وغيرها يجب أن تخضع لدراسات وتحقيقات مستفيضة تشمل كل جوانب هذه الحوادث حتي لا تتكرر ونفاجأ بضحايا آخرين.. بالنسبة لحادث غرق المركب بالوراق يجب أن تمتد الدراسة إلي كل ما يتعلق بنهر النيل خاصة من حلوان إلي القناطر الخيرية حيث يكثر عدد المراكب والصنادل التي تعبر النيل في المسافة من الشمال إلي الجنوب أو تعبر النيل من الطرف إلي الطرف الآخر.
يجب أن تخضع هذه المراكب للرقابة والفحص المستمر للتأكد من مطابقة أي مركب أو صندل للمواصفات التي يحددها القانون ولا نترك الأمر للعشوائيات أو الإهمال.. الفحص يجب أيضا أن يمتد إلي كل مكونات المركب والتأكد من سلامتها للملاحة النهرية التي يمكن أن نستفيد بها في إعادة تسيير الأتوبيس النهري لمواجهة أزمة المرور والازدحام بالعاصمة.. عمليات الرقابة والفحص يجب ان تمتد إلي سائق هذا المركب للتأكد من سلامته الطبية والعقلية ومدي إلمامه بأصول قيادة المراكب.. وفي هذه المناطق يقع العبء الأكبر علي شرطة المسطحات المائية فهي المعنية بهذه الرقابة وفحص المراكب ووقف غير الصالح منها للعمل أو سحب تراخيص المخالف منها.. كما يتعين علي شرطة المسطحات المائية التأكد من المراسي التي تستقبل هذه المراكب أو الصنادل حتي لا تتسبب في أي مفاجآت.
الواقعة التي نحن بصددها في الوراق يجب ان يكون هناك تحقيق يشمل كل الأجهزة والأفراد المسئولين عن هذا العمل واتخاذ إجراءات حاسمة وحازمة ومعالجة أوجه الخلل أيا كانت دون إهمال أو تقصير. إذ أن الأخطار تهددنا جميعا وأرواح الأبرياء يجب ألا تذهب دون حساب.
الملاحظة الجديدة بالاهتمام من كل ذلك تتمثل في ضرورة ان تستكمل وزارة الموارد المائية مهمتها في إزالة كافة التعديات علي نهر النيل من أقصاه إلي أقصاه والمتابعة الدائمة لهؤلاء المخالفين والضرب بيد من حديد علي العابثين بهذا النهر سواء بإقامة المباني علي شاطئيه أو الصرف الصحي أو الصناعي واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاربة هذه التعديات.. واعتقد أنه إذا خلصت النوايا وصدقت العزائم فإن نهر النيل سيتحول إلي مصدر هام من مصادر الدخل القومي متمثلا في تلك الأفواج السياحية التي تعشق الرحلات النيلية من العاصمة إلي الأقصر وأسوان.. هذا الدافع الوطني يتطلب أن نتكاتف جميعا لتحقيق هذا الهدف والحفاظ في ذات الوقت علي أرواح الأبرياء الذين تضطرهم الظروف لعبور النيل بواسطة المراكب أو المعديات.. هذا الواجب الوطني أمانة في أعناقنا جميعا ولعلنا ننهض بهذه الأعباء قبل فوات الأوان وحتي لا تتكرر هذه الحوادث المأساوية مرة أخري.