جلاء جاب اللة
وطني ما أعظمك.. بهذا الشعب العظيم
* * في إحدي المحاضرات قال المتحدث ان "مصر هبة النيل" فوقف أحد الحضور وقال له هذه مقولة تاريخية رائعة لكنها ليست حقيقية لأن مصر والنيل هبة هذا الشعب.. ومكارم هذا الشعب هي التي صنعت الحضارة هبة الله للعالم.
.. لا أذكر من قال ذلك.. لكن تذكرت هذه الواقعة وأنا أتابع حفل تخرج دفعة جديدة في أكاديمية الشرطة أمس.. وعندما كان شباب الخريجين ينشدون في العرض العام "وطني ما أعظمك".. كان كل الحضور يهتفون معهم "وطني.. وطني ما أعظمك.. مصر ما أعظمك" وعندما تحدثت أم الشهيد المقدم محمد جمال وتحدث أحد مصابي الشرطة المقدم ساطع عبدالعزيز النعماني.. وفي حفل الشاي عندما التقي الرئيس بأمهات الشهداء وأهلهم لم أتمالك نفسي.. ووجدت دموعي تسيل وأنا اهتف "أيها الشعب ما أعظمك"!! كنت أحاول اخفاء دموعي خشية ان اكون وحدي الذي سالت دموعه.. فإذا بالزملاء من حولي.. بل وبعض الضباط أيضا علي نفس الحال.. دموعهم ليست ألما.. ولكن احساسا بالأمل وعظمة هذا الشعب.
وطني ما أعظمك بشعبك الذي يؤكد يوما بعد يوم وعاما بعد عام وجيلا بعد جيل أنه مهد الحضارة وصانعها.. وأول شعب ودولة وجيش عرفته الانسانية.
وطني ما أعظمك.. وبكل فخر.. وبرغم الفقر وكثير من السلبيات.. وبرغم كل شيء سلبي نراه.. ياوطني ما أعظمك.. وأيها الشعب العظيم ستظل أنت منارة الإنسانية والحضارة.
عشرة أبناء.. فداء لمصر
.. في حفل الشاي.. وبينما الرئيس عبدالفتاح السيسي يتجه إلي مائدته استوقفته أم الشهيد "ضياء فتحي فتوح" خبير المفرقعات.. طلبت فقط ان ترحب بالرئيس "وتسلم عليه"..!! قالت له أمنيتي الوحيدة أن أسلم عليك وأدعو لك ان يوفقك الله وينصرك وينصر بك مصر رحب بها الرئيس بشكل انساني رائع وعندما قالت له "كنت أتمني أن اتشرف بالسلام عليك" قال الرئيس بتلقائية وعفوية رائعة "بل الشرف لي ان اسلم عليك وأحييك وشرف لي أن أرحب وأحيي كل أسر الشهداء".. وقام بتحيتهم جميعا والسلام عليهم فردا فردا حتي وقف أخو أحد الشهداء وصمم أن يقبل رأس الرئيس.. فقام الرئيس بعناقه وقبل هو أيضا رأسه..!
كان موقفا انسانيا رائعا يؤكد عظمة هذا الشعب.. لكن اكثر المواقف روعة واحساسا ووطنية هذه العفوية في حوار أم أحد الشهداء وهو خبير المفرقعات عندما قالت له: "لو ان لي عشرة أبناء غير الشهيد
لقدمتهم فداء لمصر وحبا لك يا قائد مصر" ويرد الرئيس: بل من أجل مصر.. كلنا فداء لمصر.
أيها الشعب العظيم.. ما أروعك.. ما أعظمك تعطي الدرس لكل العالم.. هؤلاء البسطاء يقدمون الدروس الحقيقية للنخبة في حب مصر.. ومن أجل مصر.
الكلمات البسيطة العفوية عندما تخرج بحب وفي حب.. ومن أجل الوطن تكون كالشمس التي تنير الدنيا.. وتنهي ظلام الليل وهو ما سيفعله هذا الشعب حتما.
أم البطل.. الابن الوحيد
"السيدة الفاضلة عايدة".. أم البطل الشهيد محمد جمال لم تكن كلمتها أو كلمة المقدم ساطع النعماني ضمن البرنامج المطبوع لحفل تخرج حماة الأمن في أكاديمية الشرطة ولكن بعد انتهاء كلمة وزير الداخلية فوجئنا بتقديم الأم الفاضلة أم الشهيد.. التي وقفت وبتلقائية جميلة.. واحساس رائع بالكلمة لتؤكد انها وبرغم حزنها علي فراق ابنها الوحيد الا انها ليست حزينة لأنه فداء لمصر الصدق والعفوية والتلقائية في كلمات أم الشهيد أسالت الدموع من عيني ونقلتني معها إلي عالم آخر لا أستطيع أن أصفه.. لكن عالم روحاني إنساني رائع.. تساءلت خلاله: كيف استطاعت هذه الأم الرائعة ببساطة وتلقائية ودون فلسفة أو تفلسف ان تصل إلي قلوبنا جميعا.. وهي تؤكد ان حزنها الشديد علي فراق ابنها الوحيد لم يجعلها تفقد سعادتها بمصر وانجازات مصر وانتصارات الجيش والشرطة علي الإرهاب الأسود!!
ايتها الأم الرائعة ألف تحية لك ولابنك الشهيد فقد اعطيت العالم درسا في الحب والوطنية والصدق!!
لقد قدمت الشكر لإدارة الشئون الإنسانية في وزارة الداخلية علي تواصلها الدائم معها وهذه التحية جعلتني أشعر بالفخر لأننا بدأنا نشكر من يفعل خيرا كما ننتقد من يفعل الخطأ.. وتلك هي البداية للعودة إلي الحياة الطبيعية اجتماعيا.. فبعد ثورة يناير 2011 عشنا حالة من النقد والانتقاد والرفض فقط وعدم قبول الاعتراف بأي ايجابية خاصة إذا كانت من الشرطة!!
** عندما انتهت الأم من كلمتها البسيطة العميقة ترك الرئيس السيسي مقعده وتحرك نحوها وحياها والجميل انها وكل من قابلهم الرئيس من أسر الشهداء لم تطلب أو يطلبون شيئا.. لم يشك أحد منهم تقصيرا أو مظلمة.. بل كان كل همهم الدعاء لمصر وللرئيس.
كان الاحساس بالفخر كبيرا لأنهم أسر الشهداء.. أهل الجنة.. رفاق الأنبياء والصديقين والصالحين في الجنة وحسن أولئك رفيقا!!
اتقوا الله واستعينوا بالله
** المقدم ساطع عبدالعزيز النعماني أحد مصابي الحرب ضد الإرهاب.. أحد رجال الشرطة الذين ضحوا من أجل مصر وأمن مصر.. آثار الاصابة والجراحات التي أجريت له مازالت واضحة علي جسده وحركته وكلامه.. لكن الكلمات التي تخرج من قلبه والاحساس الذي تشعره وانت أمامه أو تتحدث معه احساس رائع بالوطنية والاحساس بالأمل في النصر علي الإرهاب.
كلماته لحماة الأمن ضباط الغد.. رجال المستقبل
ونصائحه الصادقة لهم لها أكثر من معني واكثر من مغزي.
قال لهم : وانتم في بداية حياتكم كضباط شرطة انصحكم "بتقوي الله"..!!
يا الله.. ما أجمل أن تخرج هذه النصيحة من رجل شرطة ضحي من أجل أمن مصر لرجال الشرطة الجدد الذين سيبدأون في تحمل الامانة.
اتقوا الله في مصر وفي الشعب.. اتقوا الله في تعاملكم مع الناس.. كونوا أبناء الشعب ومن أجله.. اذا استعنت فاستعن بالله واذا فعلت شيئا فاجعله من أجل الله.
** الكلمات التي قالها المقدم النعماني أتمني أن تجعلها وزارة الداخلية ضمن نقاط تقييم اداء الضباط وتقويم اعمالهم.
** كان واضحا ان المقدم ساطع النعماني فخور بانتمائه للعمل الشرطي.. فخور بأنه أحد مصابي الحرب ضد الارهاب.. جعله ذلك كله قريبا من الله فتراه يؤكد علي أن رجل الأمن ورجل القوات المسلحة يتمتعان بأربع صفات ايمانية تجعلهم من أهل الجنة الأولي انهم في رباط الي يوم الدين.. والثانية أنهم عيون لاتمسها النار لأنها عيون باتت تحرس في سبيل الله والثالثة انهم من أهل قضاء الحاجات والرابع انهم من أهل اغاثة الملهوف.
لو أن كل رجل شرطة شعر وفهم واحس بهذه الكلمات وجعلها في قاموس حياته العملية لتغيرت مفاهيم كثيرة ولكان هذا هو الاسلوب الحقيقي والأمثل في تغير عقيدة الشرطة ونظرة الناس لها.
ما حدث في حفل تخرج أكاديمية الشرطة أمس وضم حراس جدد لامن الوطن الي كتائب الأمن المصري اعتبرها بداية حقيقية لصفحة جديدة في صفحات الشرطة المصرية المضيئة ان شاء الله.