صرخ "محلب" في المسئولين الذين اجتمع بهم قبل أيام: "انتوا قاعدين ليه؟".
طبعاً رئيس الوزراء لا ينتظر إجابة عن سؤاله الاستنكاري من المجتمعين انما يحفزهم للقيام بالواجب كل في موقعه لمواجهة المشاكل وتنفيذ الحلول وخطط الحكومة وتوجيهاتها.
ليس مهما مكان الاجتماع ولا صفة هؤلاء المسئولين.. فأولاد عبدالواحد كلهم واحد.. ثم ان هناك سمة قرابة خفية- فيما يبدو- بين الحكومات التي تعاقبت علي مدار العقود القليلة الماضية فالقائمين عليها يتفقون في صفة مشتركة هي أنهم لم يجدوا لديهم ضميرا يساندهم ولا رقابة تحاسبهم وقد أعيتهم الكفاءة والعزيمة فتعاملوا مع مشاكل المجتمع كأنها غير موجودة.. حالة من الأنانية المفرطة واللامبالاة تجعل هم المسئول- أي مسئول ولو كان رئيس الكناسين- هو البقاء علي كرسي السلطة ذا الجيوب والمغانم وليس أداء الرسالة والقيام بالواجب وارضاء الضمير.. حتي تفاقمت المشاكل وصارت أزمات ومآسي يدفع المجتمع ثمنها دماً وأرواحاً.
صرخة محلب.. تؤكد حالة القلق التي أشعر بها إزاء الجهاز الاداري في الدولة المتهم بنحو 7 ملايين موظف جلهم يعرقلون العمل ويمثلون طبقة تعزل سياسات الحكومة وتحول دون تطبيقها علي الأرض.. لا يغير من ذلك حزمة الانجازات الهائلة المنتظر افتتاحها خلال أيام وعلي رأسها المشروع الاعجازي للقناة الجديدة وشبكة الطرق التي تعدت الثلاثة الاف كيلومتر.. بل انها تكشف بوضوح أن دور البطولة المطلقة فيها كان للقوات المسلحة التي شاركت وأشرفت علي كل ذلك.. بينما المؤسسات المدنية "انكشفت" عدم جاهزيتها ولا قدرتها علي أداء مهامها الأساسية وغرقت في طفح المجاري بالاسكندرية وأكوام القمامة في كثير من المناطق.. أما المجتمع المدني فقد باتت تتكشف فيه جماعات مصالح تقاوم محاولات الاصلاح ورأينا نقابة للأطباء ترهن تسكين آلام المرضي بإقالة المسئول الذي يوقع الجزاء علي "المزوغين" من أعضائها.
الحق أقول أن بناء المؤسسات واصلاح الجهاز الاداري يظل سراباً دون حسن اختيار القيادات.. ليس فقط العليا انما الوسطي والدنيا كذلك.. حسن الاختيار يبدأ من الوزير والمحافظ لكنه يجب ان يمضي حتي يصل لرئيس القرية وما دون ذلك.. فالأيدي لا تبني دون رأس.. والاصلاح لن يجري تفعيله بدون قيادات حقيقية أمينة علي المسئولية.. وشعب يتطلع لتبوء مكانة عالية بين الأمم عليه مساندة الجهود الاصلاحية ولو تحمل في سبيلها بعض المرارة.. فالشعب في النهاية هو صاحب الفرح.