السيد العزاوى
التضحية والإيثار في رحاب أهل الإيمان
حينما تعيش أوقاتا ممتعة في رحاب أهل الإيمان تشعر بمذاق خاص وتتطلع في ذات الوقت إلي أن يمنحك الحق تبارك وتعالي التوفيق لتمضي في طريق هؤلاء الرجال الذين ضربوا المثل في العمل الجاد منذ التزموا طريق الحق وأسلموا علي يد معلم البشرية الأول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فقد كانت التضحية والإيثار والإقبال علي العمل الصالح ولم يدخروا جهدا في سبيل نشر دعوة الحق والصدق هانت عليهم أنفسهم فكان الجهاد في سبيل الله هو أسمي المعاني التي استقرت في وجدانهم خاضوا المعارك دون خوف ولم يهابوا الموت وسقط بعضهم شهيدا في معارك الشرف والبطولة والدفاع عن النفس بينما البعض الذي كتب له البقاء ظل علي وفائه واقدامه وهذه شهادة رب العالمين لهولاء الرجال المؤمنين "ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" "الأحزاب 23".
هذا واحد من هؤلاء الرجال الذين صدقوا مع الله والنفس انه زيد بن الخطاب لأبيه وكان يكني بأبي عبدالرحمن وأمه أسماء بنت وهب حبيب من بن أسد أما أم أخيه عمر فهي حتنمه بنت هاشم بن المغيرة المخزومية وكان زيد أكبر سناً من عمر رضي الله عنهما وقد أقبل زيد علي الانضمام إلي دعوة الحق التي أطلقها سيد الخلق في أم القري ومن حولها والتزم جادة الحق وتحمل الكثير في حياته منذ دخل في الاسلام وقد كان في مقدمة المهاجرين الأوائل من مكة إلي المدينة المنورة وشهد بدرا وأحد وغزوة الخندق والمشاهد كلها لم يتخلف عن أي وحدة منها وكان مقداما يسعي للشهادة في سبيل الله طمعا في رضا الحق تبارك وتعالي وأن يكون مع الشهداء في مقام أخيه وقد أخي الرسول صلي الله عليه وسلم بين زيد حين قدم المدينة وبين معن بن عدي العجلاني الأنصاري وذلك بالمأخاة بين المهاجرين والأنصاري انها نعمة الله سبحانه حين ألف بين قلوب هولاء من أبناء مكة والمدينة فانصهروا في دعوة الحق والعدل والسماحة والتضحية والفداء!!
وقد شاءت الأقدار أن يستشهد الرجلان في معركة اليمامة في السنة الثانية عشرة للهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولما بلغ عن نبأ استشهاده حزن حزنا شديدا وقال وقلبه يعتصره الألم: ما هبت ريح الصيف إلا وأنا أجد ريح زيد وقد قال له عمر يوم أحد خذ درعي قال: اني أريد من الشهادة ما تريد فتركا الاثنان الدرع وكلاهما يتمني أن يظفر بالشهادة وقد نالها زيد.
زيد بن الخطاب أبلي بلاء حسنا في يوم اليمامة ولما رأي هزيمة المسلمين في حرب اليمامة وظهرت الغلبة علي الرجال وأخذ يصيح بأعلي صوته: اللهم اني أعتذر إليك مما فرار أصحابي وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة وجعل يسير بالراية ويتقدم بها حتي استشهد في بسالة وقوة غير هياب لبطش مسيلمة وأنصاره من المرتدين وبعد استشهاده أخذ الراية رفيقة سالم وهنا قال المسلمون: اننا نخاف أن نؤتي من قبلك قال: بئس حامل القرآن أنا إن أو تيتم من قبلي!!
وزيد هو الذي قتل الرجال بن عنفوة واسمه النهار وكان قد أسلم وانضم إلي مسيلمة وقيل ان أبو مريم الحنفي هو الذي قتل زيد ابن الخطاب يوم اليمامة وقال لعمر بعد أن أسلم يا أمير المؤمنين ان الله أكرم زيدا بيدي وقيل قتله مسلمة بن صبيح.
ومما تتناقله كتب السيرة والتراجم ان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رحم الله أخي زيداً سبقني إلي الحسنيين أسلم قبلي واستشهد قبلي وقال عمر رضي الله عنه حين كان يعزي متمم بن نويرة وأخذ يرثيه يشعر في وفاة أخيه مالك: لو كنت أحسن الشعر لقلت في أخي مثل ما قلت في أخيك فقال متمم: لو ان أخي ذهب علي ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه فقال عمر: ما عزاني أحد بأحسن ما عزيتني به في أخي.. هذه لمحات خاطفة من تاريخ بطل من الأبطال الذين تعلموا في المدرسة المحمدية وقد أمضي شبابه وفتوته في الجهاد والوقوف مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في كل الغزوات والمشاهد التي خاضها ضد أهل الشرك ولاشك ان زيد بن الخطاب سوف يظل رمزا للإخلاص والتفاني والتضحية والإيثار انه بحق قدوة ونموذج لكل الأجيال خاصة في هذه الأيام التي نحتاج فيها إلي رجال من أمثال زيد بن الخطاب رضي الله عنه ولله الأمر من قبل ومن بعد.