منذ الجمعة الماضية وحوادث اقتحام المستوطنين اليهود لساحات المسجد الأقصي تتكرر في حراسة قوات الاحتلال الاسرائيلي دون مقاومة تذكر اللهم إلا أولئك المرابطين والمرابطات الذين وهبوا أنفسهم للدفاع بأجسادهم عن أولي القبلتين.. بينما المسلمون في شتي بقاع العالم يغطون في سبات عميق.
وصباح الأحد الماضي كانت الهجمة الأشد عنفاً.. حيث اقتحم المستوطنون وقوات الاحتلال ساحات الصلاة في المسجد وهاجموا المرابطين بداخله والحراس والسدنة.. مما ألحق أضراراً كبيرة في المصلي.. وقد استخدم المستوطنون وقوات الاحتلال قنابل الصوت والرصاص المطاطي في هذه المواجهات بينما لم يكن هناك سلاح في يد المرابطين غير الحجارة والأحذية فضلا عن أجسادهم وأجسادهن.
وفي أعقاب هذه المواجهات قامت قوات الاحتلال بإخراج حراس المسجد الأقصي منه وأغلقت أبواب المصلي بالسلاسل.. كما منعت موظفي الأوقاف من دخول المسجد.. وفرضت حصارا كثيفا علي المرابطين بالمئات في الداخل ومنعت عنهم الماء والطعام.
وفي الوقت ذاته فرضت سلطات الاحتلال حصارا مشابها علي مدينة القدس القديمة وأقامت الحواجز في الشوارع لمنع الرجال دون الخمسين عاما من الوصول إلي ساحة الأقصي.. بينما وفرت عناصر الحماية الكاملة لمسيرات يهودية جابت شوارع المدينة وميادينها في ذكر ما يسمي بـ "خراب الهيكل".. وبعد المسيرة توجهت المجموعات اليهودية إلي أبواب الأقصي وحائط البراق ـ حائط المبكي ـ لأداء شعائر تلمودية خاصة في هذه المناسبة.
ومما يؤسف له ان المرابطين في الأقصي يواجهون حشود المستوطنين وقوات الاحتلال بشكل يومي وصدورهم وظهورهم عارية.. لا سند لهم غير الله عز وجل .. لم تخرج من عاصمة عربية أو إسلامية نصرة للأقصي وعونا لهؤلاء المرابطين.. هناك عشرات الطرق التي يمكن من خلالها إيقاف اسرائيل عند حدها لو أخذت الأمور بالجدية الكافية لكن الواضح ان قضية الأقصي صارت من مخلفات الماضي التي لا يريد أحد أن ينظر إليها.
وحتي تصريحات الشجب والاستنكار التي كنا نسخر منها في الماضي ونعتبرها من علامات الضعف والهوان.. هذه التصريحات الهزيلة افتقدناها أيضاً ولم تعد واردة في سجلاتنا الرسمية وإنما تركت للمؤسسات والشخصيات غير الرسمية التي تريد فقط أن تبرئ ذمتها أمام الناس فتشجب وتدين كما تشاء.. وتطالب القوي الدولية والمجتمع العالمي بأن يتحمل مسئولياته تجاه حماية الأقصي والمقدسات الإسلامية في القدس المحتلة.. لكن لا أحد يأتي علي ذكر مسئوليات الدول والشعوب العربية والإسلامية في هذا الاتجاه.. ومن يفعل ذلك ويتجرأ يوصم بأنه يغرد خارج السرب.
لن أضيف جديداً إذا قلت ان الأقصي قضية العرب والمسلمين الأولي.. والقدس وفلسطين قضية العرب والمسلمين الأولي.. ومن يتصور ان العالم سوف يتحرك ينتصر لقضيتنا التي تغافلنا عنها فإنه واهم واهم.. العالم لن يتحرك لنصرتنا ويحترم مقدساتنا إلا إذا تحركنا نحن أولاً وشعر بجديتنا.
كل التقارير الواردة من القدس المحتلة تؤكد ان المهاويس اليهود بدأوا معركتهم التاريخية من أجل هدم الأقصي لإقامة الهيكل مكانه.. ولن يهدأ لهم بال.. ولن تتوقف مواجهاتهم اليومية مع المرابطين إلا بعد أن يحصلوا علي حق تقسيم الأقصي مكانيا وزمانيا.. مكانيا بأن يكون لهم نصف ساحات الصلاة.. وزمانيا بأن يكون لهم نصف ساعات اليوم.. وهذا ما حدث في مسجد الخليل ابراهيم ونجحت فيه سلطات الاحتلال وتسعي إلي تطبيقه في الأقصي.. ولو استمر الصمت العربي والاسلامي فسوف يتحقق ذلك ونحن مستسلمون.. وبعدها لن يسعنا إلا أن نبكي كالنساء علي حرم لم نقف لندافع عنه كالرجال.