المشهد المؤلم أثارني: عشرات القتلي حدد المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية عددهم بأكثر من مائة. صرعتهم قنبلة داخل سيارة وضعت في قلب سوق شعبي بمدينة ديالي العراقية.
لم يستهدف الانفجار مسئولا. ولا مؤسسة تمثل عداء ضد التنظيمات المتطرفة. لكنه عني بالتصفية الجسدية للمواطنين العاديين من أبناء الشعب العراقي. تسلل بالسيارة الي داخل السوق. ثم بجرها انتحارا. أو من بعد.
الثمن دفعه مواطنون أبرياء. لا شأن لهم بالسياسة. ولا ساس ويسوس ـ علي حد تعبير شيخنا الإمام محمد عبده. قدموا الي السوق للبيع والشراء. شاغلهم لقمة العيش وليس الغدر الذي يفجر سيارة فيقتل العشرات.
لو تأملنا الحادثة البشعة. فسنجد أنها تكرار لمعظم الأحداث المماثلة في أقطار الوطن العربي. دليلا علي أن الجهة المدبرة واحدة. وإن اختلفت جهات التنفيذ الاجرامي.
يحزنني أن تتجه العمليات الارهابية الي المواطنين الأبرياء. من لا صلة لهم بخلافات السياسة أو صراعاتها.
الغريب أن من يقدم علي تلك العمليات يفقد ـ فور حدوثها ـ أي مشاعر للتفهم. أو التعاطف. لأنه يستهدف بجرائمه من لا شأن له بأفكاره. وعملياته الارهابية. الا أنها تسلبه حياته وحياة أعزائه ـ أحيانا ـ وتقوض حضارته وواقعه ومستقبله. في كل الأحيان.
من غير المتصور أن يدفع ثمن الصراع بين الجماعات المتطرفة وبين السلطات التي تناوئها مواطنون في مدرسة. أو محطة أوتوبيس. أو ركاب قطار. أو عابرو سبيل.
لا فوارق بين القاعدة وطالبان وداعش وبيت المقدس وغيرها من التنظيمات التي أساءت الي الاسلام بدعوي الدفاع عنه.
اذا كانت التنظيمات المتطرفة. وما تمخض عنها من عمليات في الشرق والغرب قد لامست العزة الدينية والوطنية بين القلة من فاقدي الوعي في الشباب المحسوبين علي الاسلام. فان الجهات التي دبرت للأمر من ألفه الي يائه قد أحسنت استغلال تلك العمليات في بسط نفوذها بصورة مفزعة.
والأمثلة قائمة في أفغانستان والعراق والصومال وغيرها من دول العالم.
المرء ـ بطبيعته ـ لابد أن يكون معاديا لفكرة ما. وقد بذلت الصهيونية العالمية ـ ممثلة في الكثير من الهيئات والمؤسسات المناصرة لإسرائيل ـ نشاطا محموما كي تجعل الاسلام في بؤرة النظرة العدائية من مواطني الغرب. ان لم يكن لأسباب دينية. أو سياسية. فلمجرد تخويفه من فكرة الإرهاب التي تلصقها بالأفراد المسلمين والجماعات الإسلامية.