محمد العزاوى
قناة السويس الجديدة وأرقام لا تنسي
تهدي مصر خلال أيام للعالم بأسره مشروعا عملاقا يعد الأهم في المنطقة خلال الفترة الأخيرة.. هذا المشروع يتمثل في قناة السويس الجديدة شريان الحياة العالمي للتجارة الدولية وللاقتصاد المصري بصفة خاصة.
هذا المشروع العملاق يؤكد جدارة المصريين بأنهم لا يعرفون المستحيل فالأجداد حفروا القناة القديمة بفئوسهم والأحفاد شقوا قناة جديدة بمعدات حديثة تناسب العصر الذي يعيشونه وأضافوا عملاً بطولياً شارك فيه آلاف العمال ليرفعوا رأس مصر عالياً أمام العالم ويؤكدوا ان إرادة المصريين تنسف المعوقات وتقفز الحواجز دون يأس أو ملل وتستعذب الصعاب.. ملحمة وطنية رائعة جرت علي ضفاف القناة لتظل شاهدة علي عزيمة هؤلاء في القرن الحادي والعشرين.
فمنذ أن انطلق النداء بحفر هذه القناة خلال مدة لا تتجاوز عاما واحدا نهض كل أبناء مصر علي قلب رجل واحد مؤكدين ان العمل بأيديهم والتمويل من جيوبهم وقبل أيام معدودة من هذا الحدث العالمي نسلط الضوء علي أرقام تاريخية ستظل محفورة بأحرف من ذهب في ذاكرة هذه القناة الجديدة منها:
** 64 مليار جنيه جمعها المصريون في أسبوع واستحوذ قطاع الأفراد والعائلات علي 90% في حين ان نصيب قطاع الشركات والمؤسسات لم يتجاوز 10% مبرهنين ان الإنجاز لابد أن يتحقق علي أرض الواقع في الفترة التي أخذوا علي عاتقهم ضرورة الإنجاز خلالها.
** أما الرقم الثاني الذي نتوقف أمامه وهو طول القناة الجديدة 72 كيلو مترا.. هذه المسافة شهدت الأيدي تتضافر معاً في الحفر الجاف والرمال المبللة وعمليات التكريك.. جهد كان مثار الحديث بين مختلف الأوساط العالمية والمحلية وظلوا يواصلون الليل بالنهار حتي تحقق الإنجاز ماثلاً أمام أعين الجميع.
** أما الرقم الثالث فهو دليل علي قوة إرادة وتخطيط هؤلاء الرجال فقد تم تعميق هذه القناة الجديدة ليصبح 24 مترا بما يوازي 66 قدماً مما يسمح بعبور أكبر الناقلات حمولة وضخامة.
** أما الرقم الرابع يزيد العمل بهجة ويبعث في النفس السرور فهو ان السفينة ستقطع المسافة ما بين الشمال والجنوب في 11 ساعة بينما كانت في الماضي تستغرق 22 ساعة وفي نفس الوقت تتيح القناة الجديدة عبور السفن في الاتجاهين وهذا يوفر دخلا اضافيا نتيجة زيادة عدد السفن التي تعبر القناة.
** أما الرقم الخامس والذي نركز عليه فهو زيادة الدخل لهذا الشريان الجديد لنحو أكثر من 15 مليار دولار بدلاً من 5 مليارات سنوياً.. انه إنجاز اقتصادي سوف ينعش الحياة التجارية في المنطقة ويبعث بأنواره علي البقعة المباركة التي تقع علي شرق القناة فيعمعها بمشيئة الله تنمية شاملة وتعميرا يضاف إلي إنجازات هؤلاء الرجال.
** أما الرقم السادس فيساهم في الحد من نسبة البطالة مستقبلاً فبمجرد دخول هذا الشريان الجديد للحياة سيتم توفير مليون فرصة عمل للشباب من كل التخصصات ومختلف الأعمار وسيتم تأهيل هؤلاء الشباب علي فرص العمل المتاحة في هذا المشروع الذي يبشر بمستقبل جديد ومشرق علي أرض الكنانة.
** أما الأرقام الأخري التي تحققت بجهد شهد به القاصي والداني فيأتي في ان هناك أكثر من 44 ألف عامل وفني و75% من كراكات العالم وتلاحم هؤلاء بنية خالصة ومشاركة فعالة لإحداث نقلة حضارية واقتصادية لأم الدنيا ويجني الشعب المكافح ثمار جهد أبنائه.. أما باقي الأرقام فتشير بجدارة إلي كفاءة أبطال القوات المسلحة الذين لم يتذوقوا طعم الراحة علي مدي عام كامل ولنتصور جميعاً انه تم رفع 260 مليون متر مكعب رمالا مشبعة بالإضافة إلي كميات أخري جافة.
ولغة الأرقام التي أشرنا إليها لا تعني حصر الجهد وإنما هي مجرد ضوء يقدم دليلاً علي ان المصريين قادرون علي إنجاز مشروعات عملاقة أخري ومصر متعطشة إلي أمثال هذه المشروعات فأمامنا شبكة الطرق واستصلاح ملايين الأفدنة وإقامة مصانع تجذب الشباب وتحقق مستوي معيشيا يمثل طفرة في مستقبل باهر بإذن الله.. تحية لكل يد ساهمت في هذا الإنجاز وعطرت بدمائها رمال هذه المنطقة وتحية لمن أطلق شرارة هذا الإنجاز الذي نأمل أن يحقق طموحات وأحلام كل مواطن علي هذه الأرض الطيبة.