الوفد
علاء عريبى
وزير من جهة أمنية
منذ فترة قاربت على العام أو أكثر كنت أعد كتابا عن رسائل الزعيم أحمد عرابى، وقمت بجمع الرسائل التى حررها أو تلقاها خلال فترة الثورة، ولم يتبق أمامي سوى مقارنة ما جمعته منشورا بالرسائل التى قد تكون محفوظة ضمن وثائق الزعيم عرابي فى دار الكتب، ربما مازالت بعض الرسائل لم تنشر بعد، اتصلت بأحد المسئولين بدار الكتب لكي يسهل لى الحصول على نسخة من بعض الوثائق حسب القانون ولائحة الدار، واكتشفت أنه يسوف ويلف ويدور لفترة من الزمن، بمبررات غريبة: أصل الدار سوف تنشر وثائق هذه القضية، أصل بعض الباحثين فى رسائل ماجستير ودكتوراه يشتغلون فى بحوث، والعديد من المبررات، وعندما تمسكت بمطلبي تعلل بالأمن القومي أو العام أو الوطني لا أذكر.
ــ قلت له: ازاى الكلام ده.
ــ أصلهم بيعتبروا الوثائق أمن قومي.
ــ أمن قومى إيه يا دكتور وثائق عرابى مر عليها أكثر من مائة سنة، كما أن معظمها نشر فى الصحف والمذكرات والمؤلفات حتى فى الحدائق العامة أمال أنت بتاع تاريخ إيه.
ــ أصل..
ــ وأنتم بقى وكلاء للأجهزة فى الدار.
فى نهاية المكالمة طلب منى أن أرسل له صورة من بطاقة الرقم القومي ووعد بالحصول على تصريح لى بالقراءة والتصوير من الأجهزة، أظن المخابرات لا أذكر، المهم أنه وعد كذلك ان يستعجل التصريح، وتوقع أن يصل فى غضون أسبوع أو أسبوعين.
ــ بتقول إيه؟
ــ وشهر وأكثر كمان.
بعد أن أنهيت المكالمة اتصلت بوزير الثقافة آنذاك وحكيت له بغضب شديد ما دار بينى وبين المسئول، وقلت له: أنتم بتجيبوا مخبرين للأجهزة وتمسكوهم المناصب، وأذكر أنني كتبت مقالا فى هذا الشأن، قلت فيه: كنت أعتقد أن طلب القراءة يقدم للمسئولين فى دار الكتب لكى يسهلوا للباحث والقارئ مهمته، وذلك بتحديد الوثائق التى قد تعينه فى الموضوع الذى يقرأ فيه، لكن للأسف الشديد فوجئت منذ فترة قليلة أن ما قيل كان يمثل الواقع فى دار الكتب، وأن المسئولين فى الدار يعدون وكلاء أو سكرتارية لأجهزة الأمن في الدار، حيث يتلقون المذكرات من المواطنين الذين يرغبون في الاطلاع مصحوبة بصورة الرقم القومي، ثم يقومون بإرسالها إلى جهاز المخابرات أو أمن الدولة، وعلى القارئ أن ينتظر لمدة أسبوعين أو شهر أو أكثر رد الأجهزة الأمنية، وأنه بات من العرف أن تحصل على تصريح قراءة من المخابرات أو أمن الدولة ولهذه الأجهزة حرية الموافقة أو الرفض وبدون إبداء أسباب، تتقدم بمذكرة للمسئول فى دار الكتب تطالب فيها بأن يسمحوا لك بقراءة وثائق، وعليك ان تحدد فى المذكرة الموضوع الذي ستقرأ فيه، وتوضح كذلك سبب اطلاعك على الوثائق، بمعنى آخر: لماذا تريد قراءة وثائق هذه القضية؟، ولا تنسى وأنت تقدم المذكرة أن ترفق معها صورة لبطاقة الرقم القومي الخاصة بك، لماذا؟، لكي تتحرى عنك الأجهزة الأمنية.
بعد نشر هذا المقال اتصل بى اللواء هانى عبداللطيف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية آنذاك، وأكد لى أن الوزارة ليست لها علاقة من قريب أو بعيد بالوثائق ولا بقطاع الوثائق فى دار الكتب، وبعد يومين تحدثت مع أحد القيادات فى وزارة الثقافة السابقين، وقال لى للأسف إن ما أثرته حقيقة مؤسفة، وأن تصريح القراءة يصدر من جهاز المخابرات العامة، والمؤسف فى الأمر انه أكد لى أن أساتذة التاريخ هم الذين أقحموا الأجهزة الأمنية فى الموافقات، فعندما كانوا يصنفون الوثائق، اشترطوا موافقة الأجهزة الأمنية على الاطلاع على بعض الوثائق حماية للأمن القومي، فاتصلوا بالأجهزة وعرضوا عليهم الأمر، وقبلت الأجهزة مهمة الإشراف والموافقة، ومنذ هذا التاريخ أصبح المسئول عن الوثائق يعود إلى أجهزة الأمن فى بعض الوثائق التي قد تمس (حسب ظنهم) الأمن القومي، لكن بمرور الزمن كان بعضهم، لجهله أو لبحثه عن وسيلة للتقرب من الأجهزة، يحيل جميع الموافقات إلى الأجهزة الأمنية.
مرت الأيام وبعون الله وفضله قامت الأجهزة الأمنية بتصعيد المسئول الذي اتصلت به إلى إحدى الحقائب الوزارية، شفتم مصر حلوة إزاى؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف