حاول بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل أن يغسل يده من جريمة قتل الطفل الفلسطيني الرضيع علي سعد دوابشة ـ 18 شهراً ـ حرقاً داخل منزل أسرته.. فادعي أن الذين ارتكبوا هذا العمل الإرهابي من المستوطنين سوف يتم ملاحقتهم ليقدموا إلي العدالة.. وهذا كذب مفضوح لأن نتنياهو هو الذي يشجع مثل هذا الإرهاب ويدعمه.. ولم يحدث من قبل أن عوقب إرهابي إسرائيلي بجريمة قتل فلسطينيين.
يقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" : "نستيقظ كل يوم علي جريمة من جرائم المستوطنين.. ومنذ عام 2004 ارتكب المستوطنون 11 ألف جريمة ضد شعبنا وكلها تسجلها الحكومة الإسرائيلية ضد مجهول.. أو تحقق مع المجرمين عدة ساعات وتطلق سراحهم ليعودوا مرة أخري لأعمالهم القذرة الوحشية".
الحقيقة.. أن نتنياهو هو الإرهابي الأكبر وليس هؤلاء المستوطنون المجرمون.. نتنياهو الذي يتنصل من الجريمة ويرمي بها المستوطنين هو الذي يشجعهم ويحميهم بقوات الأمن.. وهو الذي يوفر لهم المشروعية بإنكاره كافة الحقوق الفلسطينية.. وهو الذي يتستر عليهم.. بل هو الذي صنعهم وصنع إرهابهم لكي يكون هناك في إسرائيل من هو أكثر تطرفاً منه أمام الرأي العام العالمي.. ويقف هو في المنطقة الوسطي.. إنها لعبة قذرة قام بها كل قادة إسرائيل منذ ما قبل ..1948 فالجيل الإرهابي المتعصب يخلق بعده جيلاً أكثر إرهاباً وإجراماً وتعصباً.
وكان المستوطنون اليهود قد قاموا بحرق منزلين في قرية دوما جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة قبيل الفجر.. وذلك بأن ألقوا القنابل الحارقة من نوافذ الغرف مما حول كلا المنزلين إلي كتلة من اللهب.. وفي أحد هذين المنزلين كانت أسرة سعد دوابشة تنام في هدوء.. لكنها استيقظت فزعة بسبب الحريق الذي أتي علي منزلهم بالكامل.. وأصاب الأم والأب وطفل لهما لم يكمل الرابعة من عمره بإصابات خطيرة.. أما الطفل الرضيع ـ علي سعد ـ فقد استشهد متأثراً بحروقه.
ومن مهازل زماننا أن يتم نقل الأسرة الفلسطينية المصابة إلي مستشفي إسرائيلي للعلاج.. وأن يزورهم نتنياهو للتخفيف من صدمة الجريمة.. في الوقت الذي يؤكد أبومازن أن السلطة الفلسطينية سوف تتوجه إلي المحكمة الجنائية الدولية لتقديم شكوي ضد إسرائيل.
وقد نسبت هذه الجريمة الشنعاء إلي جماعة من المستوطنين تطلق علي نفسها اسم "تدفيع الثمن" في إشارة إلي الاعتداءات التي تقوم بها ضد الفلسطينيين انتقاماً لأي قيود تفرضها الحكومة الإسرائيلية علي رغبتهم في التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية.
والشعب الفلسطيني فعلاً يدفع الثمن مرتين.. مرة للحكومة الإسرائيلية التي تخطط مناطق الاستيطان وتجبر أصحاب الأرض والمنازل علي تركها وإلا هدمت منازلهم بالجرافات.. ومرة أخري للمستوطنين الذين لا يكتفون بما تفعله حكومتهم.. وإنما يزايدون عليها للحصول علي مزيد من الأرض والمنازل وطرد المزيد من الفلسطينيين.
وقبل جريمة نابلس كان المستوطنون يركزون اعتداءاتهم علي المسجد الأقصي الذي اقتحموه عدة مرات خلال الأسبوع الماضي.. حاولوا اقتطاع أجزاء من المصلي لأداء شعائرهم التلموذية فيها.. ودخلوا في مواجهات مفتوحة مع المرابطين والمرابطات الذين يتولون حماية أولي القبلتين.. وبالطبع كانت الشرطة الإسرائيلية توفر لهم الحماية اللازمة.
يجب ألا تخدعنا ألاعيب نتنياهو وتصريحاته المعسولة.. كما لم تخدعنا ألاعيب من سبقه في حكم إسرائيل.. كلهم كانوا ذلك الإرهابي الأكبر.. الذي يصنع من حوله دوائر أكثر تعصباً وتطرفاً ليبدو بينهم معتدلاً.. ولكن هيهات.. ثم هيهات.