علاء عريبى
جمعية البرلمانيين المتحدة
الذي يتابع المشهد السياسي، خاصة الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة عن القوائم والأسماء المطروحة لخوض الانتخابات البرلمانية، سوف يشعر بقلق شديد لدرجة الفزع من المستقبل الذى ينتظر هذه البلاد. لماذا؟، لأن أغلب الشخصيات التى قررت أو تفكر فى الترشح سبق وفازت بعضوية البرلمان أكثر من دورة، وان عضوية بعضهم تعود إلى سنوات طويلة، والمؤسف أنهم لا يمثلون النظام الحاكم فقط، بل يمثلون جميع التيارات السياسية، وكأن مصر لا يوجد بها شخصيات تصلح للبرلمان غيرهم، وأنه كتب على هذا الشعب أن يتحكم فى برلمانه ومحلياته وحكوماته مجموعة بعينها، يعود بعضها إلى نصف القرن.
الأنظمة السياسية فى مصر منذ سنوات طويلة نجحت فى تحويل البلاد إلى مجموعة من الجمعيات الفئوية أو الاستهلاكية، فى الفن، البرلمان، الأحزاب، النقابات، الصحافة، السياسة، القضاء، الإعلام، أساتذة الجامعة، الكتاب، الحقائب الوزارية... مجموعة من الشخصيات بعينها تتناوب فيما بينها عضوية الجمعية، وصندوقها أغلق عليهم، لا يسمح لغيرهم دخول الدائرة أو الصندوق أو الجمعية سوى بموافقتهم أو بأوامر من الأجهزة الأمنية، لسنوات طويلة يحتكرون المناصب.
فى البرلمان نجح النظام، ممثلا فى أجهزته الأمنية، فى رسم الدائرة ودفعت إليها ما سبق وقاموا بتربيتهم وتدريبهم وتعليمهم، ساندوهم فى الانتخابات وزوروا لهم الصناديق، وحملوا صفة البرلمانى.
بعض أو أغلب الشخصيات حصل على عضويته قبل ثورة يناير أكثر من مرة، وفاز بها بعد ثورة يناير، وسوف يمثل أى دائرة بعد ثورة يونية، بعضهم وربما أغلبهم يختلق تاريخا من المعارضة للنظام، وبعضهم يدعى دعوته لتغيير النظام، وبعضهم يقسم مشاركته فى ثورة الشعب على النظام.
أغلب هؤلاء استفادوا من البرلمان ولم يفيدوا من انتخبوهم، يقال إن بعضهم كان يغلق محموله، وبعضهم وعد بوعود طويلة التيلة، ويقال إن بعض هذه الشخصيات التى تتناوب البرلمانات والحكومات والمشهد السياسى، قد تربت فى حضن الأجهزة الأمنية، وأن معظمهم دخل صندوق أجهزة الأمن الأسود قبل سنوات طويلة، تم تجنيد وتدريبه، ثم تم حفظه داخل الصندوق لحين استخدامه.
ماذا قدم هؤلاء للشعب تحت قبة البرلمان؟، ما الذي استفادته مصر من عضويتهم المتعددة؟، ما الذى طرأ على أهالى دوائرهم من تعدد دخولهم البرلمان؟، ألم يشاركوا فى تفصيل القوانين وفى التكريس والترويج للنظام؟، ألم يكن البرلمان جزءاً من فساد النظام؟، لماذا يتاح لهؤلاء فرصة الترشح أكثر من مرة؟
سوف يفتح باب الترشح للبرلمان ويتقدم أغلبهم لعضوية ويخوضون المعركة بنفس الآلية والشعارات التى كانوا يرفعونها قبل الثورة، وربما يضيفون للصياغة بعض المفردات التى تعبر عن ثورة يناير أو التى تستدعى تاريخا وهميا من النضال الثورى ضد نظام مبارك ونظام الإخوان.
المضحك أن معظم هذه الشخصيات بحكم العضوية يعرفون بعضهم البعض، قد يدخلون فى تراشق لفظى، وقد يهاجمون بعضهم البعض، لكنهم فى النهاية أصبحوا يشكلون فئة أو جمعية، وهى فئة البرلمانيين أو جمعية البرلمانيين المتحدة، وبحكم العشرة الطويلة يتقابلون بعد التراشق والصراع بالأحضان، ويهنئ كل منهم الآخر بعودته للبرلمان.
يقال إن بعضهم يفوز بأمواله، وبعضهم يفوز بحكم تعدد عضويته فى البرلمان، وبعضهم يفوز لبعض الشعارات، وأغلبهم يفوز بمساندة الأجهزة الأمنية.
أظن أننا بعد ثورتين يجب أن نعيد النظر فى عضوية جمعية البرلمانيين المتحدة، بأن نعمل على تفكيكها، والقضاء على مصالحها، وذلك بأن نضع سقفا للترشح مثل النقابات، وليكن لدورتين فقط، وذلك لفتح الباب أمام شخصيات أخرى أو أمام الشباب والنساء، مصر فى حاجة إلى تغيير صناديقها السوداء التى صنعتها الأجهزة الأمنية وتحولت إلى جمعيات للمنتفعين فى الإعلام، والمعارضة، والنخب، والصحفيين، والكتاب، والفنانين، والقضاء، وأساتذة الجامعات. فقد حان الوقت لتفكيك هذه الجمعيات ولتكن البداية بجمعية البرلمانيين المتحدة، علينا ان نجدد الدماء، ونحد من المنتفعين.