الجمهورية
جلاء جاب اللة
هذه الفرحة الكبري.. لماذا؟

نكتة منتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي تقول إن كميناً أمنياً ألقي القبض علي ثلاثة لم يفرحوا بافتتاح قناة السويس الجديدة..!!
هذه النكتة وغيرها من النكات المصرية الجميلة تعطي إشارة لهذه الفرحة المصرية الكبري بالحدث الكبير الذي يشهده العالم اليوم وهو الافتتاح الرسمي لقناة السويس الجديدة.. فلماذا هذه الفرحة الكبري وهل هي فعلاً أكبر من حجم الانجاز؟
وهل فرحة المصريين بالقناة تزيد علي قيمة الحدث نفسه وهي حالة من الإفراط في الفرحة تماثل حالات الإفراط في الألم والحسرة عند حدوث أمر مؤسف لا قدر الله؟
هذا السؤال كان محور نقاش عدد من الأصدقاء يري أحدنا أننا نبالغ في فرحتنا كما نبالغ في كل شيء.. وأن الحدث برغم أهميته تحول إلي فرح كبير.. قلت له ولنفرض جدلاً أن ذلك صحيح فهل تستكثر علينا الفرحة في وسط هذه الضغوط الحياتية الشديدة؟ وإذا كنا نبالغ في فرحتنا كما تري فإنني أراها إحساساً طبيعياً ومنطقياً بلا مبالغة لعدة أسباب.
أولاً : فكرة قناة السويس كشريان حيوي لمصر سواء في عهد سنوسرت الفرعوني إلي عهد عمرو بن العاص ثم الخديو سعيد بفكرة الفرنسي ديلسبس.. إلي العديد من الأفكار الحديثة التي ترجمها الرئيس السيسي كقناة جديدة إلي جانب القناة الأم تضاعف من قدرة وقدرات القناة هي في الأساس انجاز يخدم مصر والمصريين اقتصادياً ويفيد العالم كله وسيزيد من قدرة القناة بل يضاعفها ثلاث مرات طبقاً لدراسات عالمية ويسحب من قيمة قناة بنما بنسبة 25% ويضاعف الدخل القومي المصري بنسبة لا تقل عن 15% وهي أرقام من مراكز دراسات عالمية.
ثانياً : بعيداً عن المغزي البراجماتي النفعي المادي لهذا الحدث الكبير فإن المعني الوطني الذي يجسد الإرادة الوطنية المصرية بعد ثورة 30يونيه هو الأهم فالقرار مصري خالص.. والتمويل مصري تماماً.. والإرادة مصرية وطنية صادقة والتنفيذ مصري وطني.. والحفل والمشهد كله يترجم الوطنية المصرية بل ويزيد من الإحساس الوطني المصري الذي كاد ينحرف بفعل الاخوان لتكون الجماعة فوق الوطن.. ويضيع معني الوطنية في كل انجاز.
ثالثاً : عندما تم حفر قناة السويس الأم في عهد الخديو سعيد كان عنوان الانجاز هو "السخرة" وتم اجبار المصريين علي العمل في حفر القناة التي لا يملكونها ولا يعرفون فائدتها لهم ولا ينتظرون منها فرجاً ولا رزقاً.. وبات الآلاف في حفر القناة.. وعندما كان حفل الافتتاح الأسطوري للقناة كان الضيوف هم العائلات المالكة الأوروبية وضيف الشرف هي الملكة أوجيني.
اليوم.. كان العمل بسواعد مصرية واشراف القوات المسلحة الوطنية.. بحب وعطاء وتميز كل الشركات التي عملت في حفر القناة وإعدادها للعمل شركات مصرية حتي لو كانت بمساعدة عربية وأجنبية.. لكنها شركات وطنية اختارت المشاركة اختيارا لا جبراً.. وحباً لا إكراهاً.. لم يكن العمل تطوعياً.. ولكن بكرامة وحب وصدق ووطنية وهذا هو الفارق.. كما أن حفل الافتتاح اليوم ليس لنخبة أجنبية وأسر مالكة من هنا وهناك.. بل حفل لكل طوائف الشعب وممثلي الشعب المصري حفل مصري من الإسكندرية إلي أسوان ومن سيناء إلي مطروح.. حفل يشارك فيه أكثر من ستة آلاف مصري علي شط القناة الجديدة و90 مليون مصري في كل بقاع الأرض المصرية.
هذا هو الفارق.. والأهم أن أسر الشهداء والمصابين وأطفال مصر هم ضيوف الشرف وليس الملكة أوجيني وأيضاً الحفل الأسطوري الذي نحلم به اليوم سيكون بتبرعات مصرية خالصة وليس من خزينة خاوية تكون بعد ذلك مبرراً لتدخل أجنبي.
رابعاً : الفرحة المصرية بهذا الحدث العالمي أشبه بفرحتنا بانتصار 6 أكتوبر لإننا خرجنا من شرنقة الاحباط وكما قلت عن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي إنه كان إعلاناً بحرب استنزاف ضد الإرهاب والفساد والإهمال وكل الضغوط علي مصر فإن قناة السويس الجديدة هي أشبه بالعبور والانتصار علي حالة الاحباط التي عشناها في الفترة الأخيرة خاصة خلال حكم الإخوان وما تلاها من أحداث إرهابية بعد ثورة الشعب ضد حكم المرشد.. إنه النصر وما أحلي النصر وما أعظم الفرحة بالنصر.
خامساً : عندما يكون الإنجاز بل الإعجاز مصرياً فهو إعلان بأننا نستطيع.. وإننا قادرون علي صنع كل إنجاز نحلم به.. المهم أن نبدأ من خلال تفكير ورؤية ودراسة وخطة وعمل حقيقي ومتابعة وتقييم.. وعندما يحدث هذا كله في منظومة متكاملة.. فمن حقنا أن نفرح وأن نسعد بل أن تكون فرحتنا أكبر بكثير من ذلك ليتها تكون دائمة تلك الفرحة.. وتكون أكبر وأعم وأعظم.. تفاءلوا بالفرحة فالخير قادم إن شاء الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف