المساء
محمد جبريل
حكايات عن قنـاة السـويـس "3"
في أواخر 1909 وأوائل 1910 أجري المستشار المالي البريطاني مفاوضات مع شركة قناة السويس لمد امتياز القناة أربعين عاما أخري. ينتهي في 2008 بدلا من 1969 مقابل أربعة ملايين من الجنيهات تدفعها الشركة للحكومة المصرية علي أربعة أقساط في أربع سنوات متتالية. ابتداء من ديسمبر 1910. مع التزام الحكومة المصرية - عقب انتهاء الامتياز القديم - بالتنازل عن نسبة من أرباحها. وقد أظهرت الحكومة المصرية آنذاك تحمسا لإتمام ذلك الاتفاق. لولا المقاومة العنيدة التي خاضها أعضاء الجمعية العمومية. تساندهم الصحافة الوطنية والرأي العام المصري الذي كان يتابع التطورات بوعي واهتمام.
ظل المشروع في طي الخفاء قرابة عام. علي أمل أن تحصل الحكومة القائمة علي موافقة الجمعية العمومية لإقراره في غفلة من الشعب. لقاء أربعة ملايين من الجنيهات. تدفعها الشركة للحكومة علي أربعة أقساط سنوية. لكن الزعيم محمد فريد استطاع أن يحصل علي نسخة المشروع في أكتوبر 1909. ونشره في جريدة "اللواء". وكتب يقول: كيف يجوز لهذه الحكومة أن تتساهل في أمد إطالة أمد الشركة. مع علمها أن هذه القناة كانت السبب في ضياع مصر؟.. وكل مصري حر يتوق لأن يراها ملكا لمصر. حتي لا يبقي لأوروبا وجه للتدخل في أمورنا. واضطرت حكومة بطرس غالي - تحت ضغط الصحافة والرأي العام - إلي عرض المشروع علي الجمعية العمومية. التي اضطرت إلي رفضه.
كانت معركة مد امتياز قناة السويس من أخطر المعارك التي خاضها محمد فريد في قيادة الحركة الوطنية.
كان هجومه علي المشروع جرس تنبيه للملايين المصرية. وتبدت ردود الأفعال في مظاهرات. ومقالات صحفية. واجتماعات جماهيرية متواصلة. ومأزق للسلطتين التنفيذية والتشريعية. واجهتاه بتمثيلية اشترط ممثلها الأول أن يسد الستار برفض المشروع قبل أن يشارك - في البداية - بتأييده. وقد طالبت اللجنة الإدارية للحزب الوطني بعرض المشروع علي الجمعية العمومية قبل البت فيه. واضطرت الحكومة - تحت ضغط الرأي العام - إلي دعوة الجمعية للانعقاد.. وانتهت اللجنة المتفرعة عن الجمعية العمومية إلي وجوب رفض المشروع بإجماع الآراء. وحددت جلسة 4 أبريل 1910 لمناقشته. وتولي سعد زغلول وزير الحقانية - آنذاك - الدفاع عنه. ورفض المشروع - ختاما - بإجماع الآراء.
مع ذلك. فإن المؤامرات تواصلت علي القناة. وعلي السيادة المصرية بالتالي. وحتي بعد أن خرجت قوات الاحتلال الإنجليزي من المدن المصرية. فإنها حرصت علي استمرار وجودها العسكري في منطقة القناة. وبعد أن أجبرتها المقاومة المصرية علي الرحيل. حاولت العودة عقب تأميم مصر للقناة. من خلال غزو معلن بمشاركة فرنسا وإسرائيل. لكن الإرادة المصرية. أجبرتها علي الرحيل النهائي.
وصارت القناة - وستظل بإذن الله - ملكا خالصا لأبنائها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف