المساء
مؤمن الهباء
ميلاد جديد لروح جديدة
هذا يوم جديد في حياة المصريين.. جديد بكل المقاييس.. لأنه حصاد عامل كامل من العمل الجاد المتواصل.. وتتويج لجهد آلاف ممن اجتهدوا وبذلوا العرق.. علي أمل أن يصلوا إلي هذه اللحظة التي يقول لهم فيها شعبهم "شكراً".. فقد أديتم الأمانة وحققتم ما وعدتم به.. شكرا فقد كنتم بالفعل النموذج الوطني الذي يجب أن يحتذي.. وكنتم القدوة الحسنة للشباب الذي يتطلع إلي البناء والتعمير والمشاركة في رفعة الوطن.
هذا يوم للفرحة والاحتفال بالإنجاز الكبير الذي تحقق بأيدي المصريين في قناة السويس.. وللإنجاز طعم جميل.. حين يتحول الحلم إلي حقيقة تولد من جديد.. وتدب فيك روح جديدة.. تقول لك إنك قوي وقادر علي أن تتحدي الصعاب لتفعل ما تريد.. فلا تيأس ولا ترضخ للضغوط مهما كانت.. الأمل أمامك باتساع الفضاء.. والطموح أمامك بعرض السماء.. والنجاح يدفع إلي مزيد من النجاح.
وأهم ما في إنجاز القناة أنه جاء في وقت مهم ليثبت فيه المصريون لأنفسهم أولا ثم للعالم كله أنهم قادرون علي العمل الجماعي المنظم المنضبط في التوقيت والأداء.. دون حاجة إلي خبير أجنبي.. أو إلي ديليسبس جديد يخطط لهم ويشرف علي التنفيذ.
لذلك.. يجب ألا تتوقف رؤيتنا إلي قناة السويس الجديدة علي الفرحة بما تحقق.. بل يجب أن تمتد رؤيتنا إلي الأمل والطموح فيما يجب أن يتحقق لمصر بأيدي أبنائها وبفكرهم.. حتي يستردوا مكانتهم في مسيرة الحضارة الإنسانية.
تعالوا نجعل من فرحة المصريين اليوم بمشروع القناة ميلادا جديدا لروح جديدة وطاقة جديدة مفعمة بالنشاط والحيوية.. تنتصر علي التواكل واللامبالاة.. وترفض الإهمال والكسل والتراخي.. وتقضي علي اليأس والركود والانهزامية والفرقة.. وتخرج بنا من دائرة الفساد المتراكم التي دبرها بإحكام أعداؤنا والمتآمرون علي مستقبلنا.
تعالوا نجعل من مشروع القناة نموذجا لما يجب أن تكون عليه حياتنا الجديدة القائمة علي العلم والعمل بعيدا عن أهل التهويل وأهل التهوين.. ونتعلم معا كيف ننخرط في عمل جماعي منظم.. نتحدث فيه بضمير "نحن" وليس بضمير "أنا".. عمل يعتمد علي التخطيط السليم والجهد والعرق وليس علي الفهلوة والتدليس والكذب وترويج الشائعات واستغلال حاجات الناس دون وازع من ضمير.
تعالوا نتعلم معا كيف نجعل مشروعاتنا وإنجازاتنا تتكلم عن نفسها حينما تتحول إلي حقيقة علي أرض الواقع.. يراها الناس بأعينهم ويلمسونها بأيديهم.
ثم.. بإمكاننا أن نجعل من 6 أغسطس يوما فارقا في تاريخنا.. ولا نترك هذه اللحظة التاريخية النادرة تتسرب من أيدينا كما تسربت لحظات تاريخية سابقة صنعنا فيها معجزات.. وانتظرنا أن تتغير حياتنا من بعدها.. لكننا - للأسف - لم نحسن استثمارها الاستثمار الأمثل.. وسرعان ما فتر حماسنا وتراخت همتنا.
أمامنا الآن فرصة جديدة.. نبدأ من خلالها حياة جديدة بروح جديدة.. فليكن 6 أغسطس يوما للفرحة.. وليكن أيضا يوما للعمل والإنتاج وإشاعة روح الإنجاز والثقة بالنفس والطموح للأفضل والاعتماد علي الذات.. ليكن يوما للاختيار بين أن نكون أو لا نكون.
أن نكون يعني أن تتشابك أيادينا معا.. أن نعمل وننتج معا.. أن نقدس قيمة الوقت والجهد.. ونفتح ألف باب للتنمية في الزراعة والصناعة.. ونخلق مليون فرصة عمل للشباب الذي يتسكع علي أرصفة الليل.. ويتحول بمرور الزمن إلي قنبلة موقوتة في يد التنظيمات الإرهابية وعصابات الفساد والفوضي.
أما إذا تركنا الأمور تسير عشوائيا بلا رؤية.. واعتمدنا علي الاستثمارات الاستهلاكية واقتصاد القروض الأجنبية ووصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.. فهذا معناه بكل وضوح أننا فرطنا في إلهام اللحظة.. وفرطنا في حق أنفسنا وحق الأجيال القادمة.
تعالوا نرسم معا مستقبلا علي قدر الإنجاز الكبير الذي تحقق.. والميلاد الجديد الذي نعيشه.. والروح الجديدة التي دبت في أوصالنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف