المساء
مؤمن الهباء
بداية.. لا نهاية
سوف تكون فرحتنا أكبر.. وأعم وأشمل.. حين تتحول احتفالات مشروع القناة الجديدة إلي طاقة عمل وجهد بناء.. لتحقيق حلمنا القديم الجديد.. حلم تطوير منطقة القناة علي الجانبين.. وتحويل مساحات الأراضي الصحراوية الشاسعة المحيطة بها إلي مشروعات متنوعة للتنمية تجذب السكان من الوادي والدلتا.
يجب ألا يكون مشروع توسعة القناة نهاية المطاف وغاية الأمل.. وإنما علينا أن نجعل منه بداية لتغيير وجه الحياة في منطقة القناة ذات الوضع الاستراتيجي العالمي.. ومن ثم تغيير وجه الحياة في مصر كلها.. وينقلنا من الفقر إلي الغني.. ومن الضيق إلي السعة.. ومن البطالة والكسل إلي النشاط والإنتاج.
هناك أمل كبير مازال يداعبنا في أن المصريين قادرون علي قهر المستحيل.. وعلي القفز فوق كل الصعاب.. كي يبدأوا حياة جديدة.. ويبنوا حضارة جديدة.. بالعمل والجهد والتفكير السليم والمشاركة الشعبية الواسعة.. وليس بالشعارات والهتافات الرنانة.. وحملات التغييب التي يمارسها الإعلام لإغراق الناس في أوهام بلا حدود.
هذا الأمل - الحلم - سوف يتحقق بآلاف المشروعات اللوجستية التي تقام علي ضفتي القناة لتموين السفن وصيانتها.. وايضا لصناعة السفن الحديثة.. وإقامة المناطق الصناعية المتنوعة.. بالإضافة إلي المشروعات الزراعية الكبيرة ومشروعات المزارع السمكية.. وكل ما من شأنه أن يحول الصحراء الجدباء الفارغة من السكان إلي مشروعات للعمل والإنتاج.. مشروعات جاذبة للأيدي العاملة.
ساعتها.. سوف نتأكد.. ويتأكد العالم من حولنا أن مصر تغيرت.. ودبت فيها روح جديدة.. وأن احتفالاتنا بالقناة لم تكن سطحية.. وإنما كانت عن وعي وطموح وثقة في قدرة الشعب علي الانجاز.
مصر التي تتلقي المعونات والمنح من الشرق والغرب.. وتضيق بسكانها وبشبابها.. وتبلغ البطالة فيها معدلات رهيبة.. وتعاني من أزمات في متطلبات الحياة الأساسية.. وتأتي في مقدمة دول العالم في معدلات الإصابة بالأمراض القاتلة.. وتأتي في مقدمة دول العالم في معدلات التصحر والتلوث البيئي.. مصر هذه يجب ألا تستمر هكذا.. يجب أن يدرك الشعب أنه في حاجة ماسة إلي أن يعمل وينتج.. ويعود إلي قيمه الأصيلة حتي يعيش كريماً علي وجه هذه الأرض.. فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.. والله سبحانه لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم.
نحن في حاجة إلي من يذكرنا دائماً بتقديس قيمة العمل.. ورفض التبعية والاعتماد علي القروض والديون الخارجية.. نحن في حاجة إلي من يذكرنا دائماً بعيوبنا ونقائصنا ويوجهنا إلي سواء السبيل.. ولسنا أبداً في حاجة إلي من يدغدغ مشاعرنا الوطنية بمعسول الكلام.. ويجعلنا نغيب عن الواقع ونستسلم للوهم.
سوف نكون مخطئين في حق أنفسنا.. وفي حق أبنائنا وأحفادنا.. إذا توقفنا عن فرحة الافتتاح لمشروع القناة.. واكتفينا بما تحقق علي أنه منتهي الطموح.. ولم نجعل منه البداية لحياة كريمة تليق بمستقبلنا.. حياة ملؤها العمل والإخلاص والانتماء لهذه الأرض الطيبة.. فلا نأكل إلا من عرقنا ومن طين أرضنا.. ولا نتداوي إلا بدواء صنعناه في مصانعنا..پولا نلبس إلا رداء غزلنا ونسجناه بأيدينا.
حينذاك.. ستكون فرحتنا أكبر.. وأعم وأشمل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف