يسرى حسان
عن دراجة الرئيس بمناسبة القناة
عندما ركب الرئيس دراجة تصورت بسذاجتي المفرطة ان الفكرة سيلتقطها رؤساء الجامعات مثلاً. سيطلب كل رئيس جامعة من أحد البنوك تمويل شراء دراجة لكل طالب وطالبة. لمن يريد يعني بأقساط شهرية بسيطة. ويتم تخصيص أسوار الجامعات والكليات كأماكن انتظار نظير اشتراك شهري خمسة جنيهات أو حتي مجانا سيصبح ركوب الدراجة ثقافة عامة بين طالبات وطلاب الجامعات ونفس الأمر يفعله وزير التربية والتعليم مش محب الرافعي طبعاً مع تلاميذ وتلميذات المدارس وتهب هيئة الطرق والكباري والمحافظون ورؤساء الأحياء لتحديد مسارات خاصة لراكبي الدراجات.
تصور حضرتك سيكون لدينا ملايين الشباب من مستخدمي الدراجات مما سيترتب عليه الحفاظ علي البيئة واللياقة البدنية وتخفيف الزحام في الشوارع وتخفيف الضغط علي وسائل المواصلات الأخري ولن تخجل أنت أو أخجل أنا من الذهاب إلي أعمالنا بالدراجة لو فعلتها الآن ونفسي أفعلها والله لفضحوني فضيحة اللحمة في سوق التلات.
لم يلتقط أحد الفكرة لأن أغلبهم بلا خيال ولا يعملون إلا بناء علي تعليمات السيد الرئيس وليس معقولاً أن يقرر لنا الرئيس ما نركبه هو يعطي لمحة أو إشارة والمفروض أن نلقطها وهي طايرة. لكننا لا نلقط شيئاً ونكتفي بتلقيط أرزاقنا وهو ما يتطلب أن ننفذ التعليمات وبس حتي لا يطير الكرسي ويلقطه غيرنا.
ستقول مجنون من يتحدث عن دراجة الرئيس ومصر تحتفل والعالم معها بافتتاح قناة السويس الجديدة. لن أناقشك في حكاية الجنان لأنها موجودة فعلاً. فقط أخبرك انني أتحدث عن الدراجة بمناسبة القناة.
قال الرئيس سنفتتح القناة بعد عام وافتتحناها بعد عام. هناك من المشروعات القومية الكبري ما يتطلب تدخل الرئيس بشكل مباشر ومتابعته لها لحظة بلحظة وهو ما حدث مع مشروع القناة وهناك من المشروعات المهمة والضرورية أيضاً ما يتطلب مجرد إشارة أو لمحة وهو ما حدث مع موضوع الدراجة كان يمكن للرئيس أن يمارس هواية ركوب الدراجة في أي مكان بعيداً عن الأنظار. لكنه فعلها علناً ليس لاستعراض مهارته في قيادة الدراجة أو للفت الأنظار إلي لياقته البدنية هو فعلها ليكون قدوة لغيره لكن ما دام الرئيس لم يصدر تعليمات مباشرة وواضحة وصريحة أن اركبوا الدراجة يبقي خلينا في السليم ويا عين ما شفتي الرئيس راكب دراجة.
وما ينطبق علي الدراجة ينطبق علي غيرها من المشروعات التي يمكن أن تنقلنا نقلات نوعية إلي الأمام وتجعل حياتنا أكثر بهجة واحتمالاً يقول الفيلسوف الأمريكي برتراند راسل "التعليم بأسلوب تسوده القسوة والخوف أمر سييء ولكن لا يوجد طراز آخر من التعليم من الممكن أن يقدمه أولئك الذين هم عبيد لهذه العواطف".
انتهي كلام الفيلسوف المحترم وأنت إذا مددته علي استقامته ستقول ان المسئول الذي تربي علي عقيدة "بناء علي تعليماته السيد الرئيس أو السيد الوزير" لا يمكن أن يعمل خياله في يوم من الأيام ولا يمكن أن يبادر إلي الابتكار لأنه عبد لهذه العقيدة. عقيدة بناء علي التعليمات!!!!!!
انظر حولك أخي المصري المبتلي في مسئوليه وتأمل لتري كم العبيد في مصر. هؤلاء الذين ننتظر من السيسي كما قاد معجزة إنشاء القناة أن يقود معجزة التخلص منهم. في انتظار معجزة جديدة للسيسي نرجو ألا تستغرق أكثر من شهرين ثلاثة وأظنه قادرا علي تحقيقها خلصنا من العبيد لتريحنا وتستريح. انسفهم واعلن انه لا مكان للعبيد أو العبودية تحت سماء مصر الجديدة صانعة المعجزات!