الوطن
اميمة تمام
تساؤلات مشروعة
لست بمتخصصة فى الشأن الإيرانى أو الصراعات القائمة بين المذهبين السنى والشيعى، ولكنى لا أستطيع إخفاء مخاوفى كإعلامية ومهتمة بل مهمومة بالشأن العام من بعض ما جد على المشهد بالمنطقة مؤخراً، فبينما يستمر التناقض والصراع الشيعى السنى ماضياً فى طريقه، محدثاً شرخاً كبيراً بين أبناء جلدة واحدة، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً باللعب على هذه الخلافات بالتقرب إلى إيران فى تلاق غير مسبوق للمصالح بين الطرفين، مع دخول الدول الأوروبية الكبرى فى هذه المعادلة الجديدة أيضاً من خلال الاتفاق النووى الأخير، وحدث كل ذلك بالرغم من تحفظ الحكومة الإسرائيلية على هذا الاتفاق، الذى ارتأت أنه يشكل خطراً عليهم جميعاً كحلفاء، مثلما ورد بتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما اقترح تفكيك كافة أجهزة الطرد المركزى الإيرانية، مع الضغط سياسياً على النظام الإيرانى ولكن كان ذلك دون جدوى، حيث وصل تطور العلاقات الإيرانية الأمريكية بالبلدين أيضاً مؤخراً إلى مناقشة مشروع إنشاء غرفة تجارة مشتركة، آخذين فى الاعتبار أنه وفقاً للقانون الإيرانى فإن طهران يمكنها أن تسجل هيئة مماثلة للعمل مع الولايات المتحدة فى غضون الشهرين المقبلين بعد انطلاق الغرفة رسمياً فى واشنطن، ولكن هناك تساؤلات عدة تفرض نفسها بهذا الشأن، فأين هى الدّول العربية والإسلامية من كل هذه التطورات، خاصة أنها من أهم المتضررين من هذه الاتفاقيات؟ وكيف ستنعكس عليها وعلى مصالحها؟ وهل أولينا هذا الملف ما يستحق؟ خاصة فى ظل استمرار الكثيرين باللعب سلباً على التناقض السنى الشيعى وتغذيته، دون الأخذ فى الاعتبار أن هذا الصراع يشكل خطراً كبيراً على الدين الإسلامى الحنيف، وبالقطع على المصالح الإقليمية الاستراتيجية، خاصة مع تنامى العلاقات الإيرانية الأمريكية والدولية مؤخراً، وما سيترتب عليه، غير أن الصراع السنّى الشيعى كما هو معروف كان قد اتخذ أنماطاً تتسم بالعنف والجدل، التى كثيراً ما تصل إلى حد التكفير وسفك الدماء والممارسات العنيفة، بعدما كان لا يتعدى فى البدايات كونه خلافاً أيديولوجياً واجتماعياً وسياسياً، حيث يزعم أصحاب المذهب الشيعى أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان قد ذكر أن من سيأتى من بعده كخليفة سيكون على ابن أبى طالب ثم يليه الأحد عشر إماماً على التوالى، ويدلل الشيعة على ذلك الطرح بحديثين، أحدهما حديث الخلفاء الاثنى عشر، والآخر هو حديث الغدير، بينما يرى أهل السنة على الجانب الآخر فى بعض أيديولوجياتهم المتشددة، التى كان لها أيضاً دور فى تأجيج ذلك الصراع إلى حد التكفير أحياناً كثيرة يَرَوْن أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يحدد بشكل واضح من سيخلفه مما كرس أكثر فأكثر زرع بذور الكراهية والاختلاف والعداء لكل ما هو شيعى، خاصة فى ظل استمرار بعض الشيعة فى إطلاق تصريحات مسيئة بحق أهل البيت والصحابة -رضى الله عنهم- تصل أحياناً كثيرة إلى السباب ببعض وسائل الإعلام وعلى الملأ، مما يجعلها إهانات واضحة لا تقبل أى لَبْس بل قد لا تغتفر، إضافة إلى ما ورد فى كتاب «منهاج السنة» للإمام «ابن تيمية» فى إشارته إلى أن الشيعة هم من سعوا أو تسببوا فى مجىء التتار إلى دار الخلافة، التى كانت آنذاك مدينة بغداد مما ترتب عليه مقتل أعداد لا تعد ولا تحصى من المسلمين، ولذا ومع تعذر بل استحالة إيجاد صيغة أكثر هدوءاً وتعايشاً للتعاطى مع الملف السنى الشيعى، فى ظل التحالفات الجديدة بين إيران والغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، فإنه يستوجب أن يستعد كل من الأزهر -كمؤسسة دينية علمية- وجميع القنوات السياسية للتعامل مع واقع وملف جديدين مرتقبين بالمنطقة خلاف ملف الإرهاب، قد تكون تفاصيلهما تحاك الآن فى الخفاء أو من وراء الكواليس، وأن تكون هناك إجابات مدروسة لجميع التساؤلات التائهة بهذا الشأن.. وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف