طارق عبد المطلب
قلب يعقوب .. في قلب أسوان
فجأة ودون سابق إخطار.. وجدت نفسي مدفوعاً للسفر بشكل عاجل الي محافظة أسوان بعد أن أبلغتني شقيقتي بسفر زوجها لإجراء عملية دقيقة في القلب بمؤسسة الدكتور مجدي يعقوب . وقد ظن انه سيجري فحوصات وإشاعات كما حدث له منذ أن قبلوا أوراقه كحالة تحتاج للجراحة. لكنه ظل في جدول المنتظرين - وما اكثرهم - حتي حل دوره.
المهم.. وصلت أسوان. ومما أثار إعجابي وتعجبي في ذات الوقت أن مؤسسة يعقوب التي يجري فيها مرضي من مختلف أنحاء العالم عمليات خطيرة في القلب عبارة عن مستشفي عالمي بكل ماتحمله من معني سواء فيما يخص الأجهزة والمستلزمات الطبية والأطباء المصريين وجراحو القلب الأجانب أو النظافة التي تشعر معها انك في كبريات مستشفيات أوروبا. كذلك النظام والالتزام بتطبيق القواعد دون مجاملة أو واسطة .. أما ما أثار تعجبي فهو أن هذه المؤسسة الرائعة تلاصق تماما مستشفي أسوان التعليمي . وهو مستشفي يئن مما تئن منه باقي المستشفيات العامة والتعليمية وهو أمر معلوم لايحتاج إلي توضيح.!!
ولأن مواعيد الزيارة بالمركز من الخامسة حتي السادسة مساء. فقد كان مرافقو المرضي مجبرين علي الجلوس علي إحدي المقاهي المواجهة للمستشفي مباشرة كل منهم يواسي الآخر ويصبره من باب أن ¢ من يري بلوة غيره تهون عليه بلوته ¢. وما أن تأتي لحظة الزيارة حتي يترقب الجميع نداء رجل الأمن علي أسماء المرضي بحيث يصعد فرد واحد فقط من ذويه ولا يصعد غيره إلا بعد نزول الأول حفاظاً علي الهدوء السائد في أرجاء المستشفي لاسيما أن العمليات كلها خطيرة بعد أن رفض المركز استقبال عمليات القلب العادية التي يمكن علاجها في المستشفيات العامة والمتخصصة.
هناك التقيت زميلي حمدي رفاعي مراسلنا في أسوان والمهندس عبد الرحيم حسب الله مدير عام مركز البحوث الزراعية بالمحافظة وهو لاعب كرة قدم سابق والكابتن ثروت عكاشة رئيس لجنة حكام أسوان لكرة القدم. والكابتن محمد عيد مدير المنطقة وهو معرفة قديمة منذ كان حكماً.. ومنهم أدركت أن اختيار الدكتور مجدي يعقوب لأسوان كان ذكيا ليس فقط لأن مناخها الجاف والدافئ مناسب لمرضي القلب. ولكن لأنه يعلم أن أجمل ما في هذه المحافظة هو أهلها الطيبين بحكم موروثهم الثقافي المرتبط بالتعامل مع كل الجنسيات.
ورغم أن موقع المركز الجديد زاد من رواج تأجير الشقق لمرافقي المرضي. إلا أن أصحاب الشقق والسماسرة يرفضون استغلال المستأجرين المرضي أو المرافقين لهم. وقد قابلت احد السماسرة وعندما طلبت منه استئجار شقة في الدور الأرضي لأن معنا مريض سيجري عملية قلب مفتوح بالمركز رفض الحصول علي عمولته . وقال : انه اعتاد ان يفعل ذلك مع المرضي وانه يسعي لشراء دور أرضي في إحدي البنايات الجديدة وتقسيمها لتكون سكنا مجانياً للمرضي وذويهم من غير القادرين.. - وبمناسبة غير القادرين- فقد حكي لي ابن شقيقتي انه عندما وصل مع والده للمركز وجد مسناً يبكي بشدة علي زوجته المريضة ولم يكن معها غيره . ولما حل الليل وجده رجال أمن المركز نائما علي مقعده الخشبي وأدركوا حينذاك انه فقير لا يستطيع تأجير سكن فتبرع كل منهم بمبلغ واستأجروا له حجرة يقيم فيها.
لذلك .. وأنت في أسوان ستدرك ان قلب مجدي يعقوب هو الذي دفعه لاختيار مؤسسته في قلب أسوان لا لشئ إلا انه سيكون بالفعل.. بين قلوب رحيمة.