* في هذه الأيام المفعمة بالأحلام الكبيرة. والآمال العريضة. يجب ألا ننسي سيناء الحبيبة.. ذلك الجزء الغالي من الوطن الذي غنينا له كثيراً. لكننا تركناه علي مدي سنوات طوال فقيراً ضعيفاً قاحلاً بدون تنمية حقيقية.. يغري العدو الإرهابي بأن يتخذ منه مخبأ وملاذاً.. ويغري العدو الصهيوني بأن يحتله عندما يريد.. هذا الجزء الغالي من الوطن. يجب أن نوجه إليه الأنظار كي يأخذ حقه من دفعة الأمل التي تسري في دماء المصريين حالياً.. وينال نصيبه العادل من مشروعات التنمية.
كانت سيناء ولا تزال تمثل الحلم الكبير لأولئك الذين يتطلعون إلي مستقبل أفضل في هذا البلد.. فهي الأرض البكر التي يمكنها بشيء يسير من الجهد ومن المال أن تستصلح وتستزرع وتنتج الخير الوفير لأهلها ولأهل مصر جميعاً.. وهي المساحة الشاسعة التي يمكنها أن تستوعب العديد من المشروعات والصناعات.. وتستوعب ملايين البشر من الذين ضاق بهم الوادي والدلتا.. فتساهم بذلك في حل مشكلة التكدس السكاني.. وفي حل مشكلة العشوائيات. من خلال إنشاء عشرات. بل مئات من القري المنتجة الصغيرة التي تتلاءم مع طبيعة البيئة.. وإعادة توزيع السكان علي المناطق الآهلة.
ورغم الحديث المتكرر في المناسبات الوطنية عن أهمية تعمير سيناء. إلا أن هذه البقعة الغالية من أرضنا مازالت تعاني من عزوف المواطنين عن العيش فيها.. ومازالت هناك مشكلات عديدة تعترض جهود التنمية علي أرضها.. في مقدمتها بالطبع موجة الإرهاب التي تفشت. والتنظيمات الإرهابية التي تكاثرت.. ثم مشكلة عدم توافر الخدمات ووسائل النقل وفرص العمل.. وعدم تقديم حوافز كافية للقطاع الخاص لدفعه إلي الاستثمار في المشروعات الصناعية والإنتاجية.
تؤكد تقارير عديدة أن الاستثمار في سيناء يمر بأزمة حقيقية.. وأنه خلال 23 عاماً مضت منذ أن عادت سيناء كاملة لنا لم ينفذ علي أرض الواقع فيها سوي 30% فقط من المشروعات المستهدفة.. وهذا مؤشر خطير. ينبغي أن يحرك الجهات المسئولة المنوط بها التخطيط والمتابعة للتنمية في سيناء.. ومما يؤسف له أن تكون هذه النسبة المذكورة منحصرة فقط في المشروعات السياحية والفيلات والقصور والاستراحات وأماكن الترفيه.. وهي تنمية طفيلية. لا تمس حياة القاعدة العريضة من الشعب.
لقد صاحبت عودة سيناء في 25 أبريل 1982 وعود وأمنيات هائلة بأنها ستكون مستقبل مصر.. وستكون مشروعها القومي.. لكن الأعوام مرت دون أن تأخذ سيناء حقها.. وكان الحلم يتبدد من بين أيدينا بعد أن حولت سيناء إلي جرح وطني كبير ينزف دماً كل يوم.. ويستنزف الكثير والكثير من مقدراتها.. وسوف نخسر المستقبل كله إذا استسلمنا للإحباط والركود.. ولم ننطلق بسرعة إلي الأمل الكبير الذي ينتظرنا هناك.
الفرصة متاحة الآن بقوة.. ومصر تتحدث بكل لغات العالم عن الغد الطموح. وعن المشروعات الكبيرة التي ستغير وجه الحياة علي أرضها.. وفي هذه المناسبة يجب أن نتذكر سيناء.. ونضعها علي قائمة الأولويات.. حتي نحولها من جرح ينزف إلي أمل ينطلق.
أمامنا هناك في سيناء مشروع زراعي كبير علي ترعة السلام.. ومشروع لتوطين 4.5 مليون مواطن.. ومشروع خطة السكة الحديد.. والمنطقة الصناعية في شمال سيناء.. هذه المشروعات أعلن عنها من قبل. ثم سكت الكلام.. وهي الآن معيار النجاح لحماية الأمن القومي المصري من بوابته الشرقية.. وهي الكفيلة بأن تحول سيناء من نقطة ضعف في جسد الوطن إلي أن تكون ثغراً حصيناً يدافع عنه.
إن تعمير سيناء وزرعها بالبشر هو الرد العملي الوحيد علي كل من تسول له نفسه أن يعتدي عليها.. فسيناء مصرية. ولن يعيش عليها إلا المصريون.. ولن يعمرها إلا المصريون.