الأحداث الأخيرة في مدينة غرداية الجزائرية أعادتني إلي ذكريات وصداقات مع عدد من المثقفين الجزائريين. هم ذو اهتمامات ثقافية مشتركة. الخلافات واردة كطبيعة العلاقات الإنسانية. لكن الخلاف لا يفسد للود قضية. والقضايا كثيرة بكثرة المشكلات التي تعانيها أقطار الوطن العربي.
شعور أقرب إلي الصدمة داخلي وأنا أتابع استبدال الرصاص بالكلمة التي تعبر عن الرأي. وتحول الإقناع في قضايا المذهبية الدينية. أو اأيديولوجية السياسية.
خطورة الأمر أن نتصور ضآلة المشكلة. وانها لا تعدو امتداداً للنزاعات القبلية والطائفية التي عاناها الوطن العربي في الجاهلية. ثم منذ زمن الخلافة.
إذا كانت مؤامرات الاستعمار والصهيونية قد أفحلت في تقسيم الوطن العربي إلي دول متعددة. فإن المؤامرات قائمة. ومستمرة. لتجزئة المجزأ. وتحويل كل دول إلي دويلات. فتتسق الكيانات الهزيلة مع الكيان الصهيوني من حيث المساحة وعدد السكان. وإن تميزت إسرائيل بقوتها العلمية والعسكرية والاقتصادية. مما يسهل سيطرتها علي أقطار المنطقة.
ولأن بقايا عقدة القبائل والطوائف لاتزال قائمة في نفوس بعض الساسة العرب. فقد تعددت المسارب التي سعي الغرب لأن ينفذ منها الي حياتنا العربية.
المؤامرة التي تجري الآن محاولة تطبيقها هي التركيز علي الانقسامات العرقية والدينية في أقطار الوطن العربي. بذر الخلافات والكراهية بين أبناء كل قطر. إلي حد قيام حروب داخلية. سعياً لتغيير المعالم والحدود.
ثمة السودان الذي يتكون من أربع مجموعات سكانية. وسوريا ذات الأغلبية السنية. تحكمهم أقلية شيعية علوية تشكل 12% من مجموع السكان. فضلاً عن دروز الجولات. أما العراق فالمؤامرة تشمل إقامة ثلاث دويلات أو أكثر: واحدة في البصرة. وثانية في الموصل. وتنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معطمه. وتخطط المؤامرة في لبنان لخمس سلطات سيادية. وفي دول الخليج واليمن تجري محاولات لقيام صراع سني شيعي. يعرض أقطار المنطقة للتفكك والانهيار. أما المغرب العربي فالمؤامرة تتجه إلي تعميق الخلاف بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء. إلي جانب إحياء الخلافات العرقية والمذهبية. فضلاً عن التطرف الإسلامي. وتمتد المؤامرة لتشمل حتي الدول غير العربية في المنطقة مثل إيران وتركيا وباكستان وغيرها.
استطاعت مصر ان تواجه العديد من المؤامرات. وتنتصر عليها. وتحتفظ بتماسكها واستقلالها.. لكن الأخطار التي تهدد قطراً. أو أقطاراً. في المنطقة. لابد أن تعكس أخطارها علي الأقطار المجاورة. وعلي الوطن العربي كله.