الجمهورية
عبد الحليم رفاعى حجازى
في ظلال القرآن العظيم .. آخر المهاجرين "1"
إذا كان المختصون والرواة يقرون ان من اشتد هو عابس وعباس.. فإن هذا المعني هو ما نقره ونسجله أيضاً : ان لعباس بن عبدالمطلب : إذا كان هو الرجل رقيق القلب والسريع العاطفة والحساس والمساس.. فإنه أيضاً: العظيم في كياسته والجواد الأجود في فطانته.. وهذا هو ما أكدته حياته كلها: في جاهليته وإسلامه ويوم ولد ويوم مات.
ولد العباس بن عبدالمطلب وفي فمه ملعقة من الذهب كما يقولون فقد كان لأبويه كل المكانة والشرف فهذا أبوه عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.. الذي نما وترعرع وقويت علي مرور الأيام شوكته حتي أصبح رجلا مكتمل الرجولة.. وأصبح سيد مكة وواحدها ومن أحب الناس وجها وأمدها جسما وأجودها كفا وهذه أمه "نتيلة بنت جناب العمرية" وكانت من بيت مملكة فقد كان جدها ملكا من ملوك ربيعة وهذا أيضاً ابنهما العباس طفل أبيض الوجه جميل الملامح حسن السمة.. مما أفرح أبا عبدالمطلب فرحا شديدا وسماه العباس وإذا كانت كتب السيرة تؤكد ان العباس هو ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف فإن ما نؤكده أيضاً ان اسم "عبدالمطلب" ليس اسما يطلق علي "شخص واحد" ويرمز إليه وإنما ما يرمز إليه الاسم هو شخصان أحدهما هو المطلب والثاني هو عبده وأن هذا العبد ليس عبداً فعلا وإنما هو "ابن أخ" لشخص المطلب وهذا الأخ اسمه "هاشم" وهذا الابن لهاشم قد عرف تاريخيا باسم "شيبة" ووضعته أمه سلمي بعد حملها من هاشم وأسمته شيبة لأنه كانت برأسه شعرات بيضاء.. وقد عرف تاريخيا أيضاً ان هاشم بعد أيام من الولاد قد مرض وأحس بسكرات الموت تقترب منه فأوصي أن يكون أمره لأخيه المطلب. كما أكد المؤرخون ان المطلب قد حمل ابن أخيه شيبة علي بعير وأردفه خلفه.. وهو عائد به من المدينة إلي مكة فرآه أهل مكة وخلفه غلام صغير ظنوه عبدا جاء به.. فتصايحوا : قد جاء المطلب بعبد.. هذا عبدالمطلب فقال لهم ويحكم إنما هو "ابن أخي شيبة" ومع ذلك غلب اسم عبدالمطلب علي اسم شيبة بن هاشم وعرف بعد ذلك باسم عبدالمطلب.
وإذا كانت كتب السيرة تؤكد ان العباس هو ابن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف فإن ما نؤكده أيضاً ان الاسم الحقيقي ل "هاشم" هو "عمرو العلا" بن عبد مناف.. وبالتالي يكون العباس بن شيبة بن عمرو العلا بن عبد مناف وقد حدث هذا يوم انطلق هاشم إلي الشام لمواجهة المجاعة التي ارتفعت إلي الدرجات العلا وضاقت بأهل مكة سبل الحياة.. وأمر بخبز كثير فخبز له ثم حمله علي الإبل وقفل راجعا إلي مكة.. ثم هضم الخبز وقطعه كالثريد وذبح آلاف الإبل وأمر الطهاة فطبخوا ثم نادي أهل مكة جميعاً فأطعمهم وأشبعهم وظل كذلك حتي انقشعت المجاعة وعاد الناس سيرتهم الأولي.. وسمي الناس "عمرة العلا" بعد ذلك باسم "هاشم" لأنه هشم الثريد لقومه.
ومرت الأيام.. وفي أيام "عام الفيل" حين كان العباس يبلغ السنة الثانية من عمره ولد لعبد الله بن عبدالمطلب "أخي العباس" ولد سماه محمداً.. وأصبح العباس أسن من المولود "محمد" سنتين ومرت الأيام أيضاً وظلت العلاقة العلاقة والصلة بين العباس وابن أخيه "محمد بن عبدالله" عشرين عاما أو تزيد من يوم أن بعث الله "محمداً" برسالته.. وقد حاول الرسول محمد بن عبدالله أن يجذب عمه العباس إلي الإسلام مرات ومرات ولكن العباس كان يمتنع في كل مرة وإن كان يظهر لابن أخيه البشاشة والحب.. حتي أراد الله إرادته ونفذ مشيئته وأسلم "العباس" في العام الثامن الهجري علي أصح الروايات وبالتالي أصبح "آخر المهاجرين".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف