أحمد سليمان
في حب مصر .. المؤسسات الصحفية القومية أزمة فكر وليست "فلوس"
قديما قالوا: "ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك" والحال التي وصلت إليها المؤسسات الصحفية القومية تستدعي التحرك الفوري من أبنائها لانقاذها من شبح الإفلاس دون انتظار يد العون كل فترة من الحكومة.
هناك عدة نقاط مهمة يجب أن تكون هي المنطلق لحل أزمات الصحافة القومية. واعتقد انها ليست عصية علي التنفيذ. وتتمثل في الآتي:
أولاً: إنشاء بنك للأفكار خاص بكل مؤسسة صحفية لتلقي أفكار أبناء المؤسسة لحل الأزمة المالية. مع عدم الاستهانة بأية فكرة أو صاحبها فقد تأتي فكرة بسيطة من عامل بالمطبعة تدر علي المؤسسة ملايين الجنيهات. ولنا في شركات المياه الغازية المثل.. فقد كنا في الماضي نري سيارات شركات المياه الغازية تحمل صناديق الكولا والبيبسي وفي أي منحني للسيارة تميل هذه الصناديق وتسقط علي الأرض بالعشرات مما كان يكبد هذه الشركات خسائر فادحة. حتي جاء أحد الأشخاص بفكرة انشاء قاعدة سطح هذه السيارات بميل بسيط للداخل فأصبحت الصناديق مائلة لداخل السيارة ولم تسقط من السيارات من بعدها.. هذه الفكرة رغم بساطتها لكنها وفرت ملايين الجنيهات لشركات المياه الغازية والأمثلة علي ذلك كثيرة.
ثانياً: يجب أن تستغل كل مؤسسة صحفية مواردها وامكانياتها البشرية والمادية - وهي ضخمة - لزيادة الإيرادات وتقليل المصروفات لأدني مستوي لها. بعيدا عن الفكر التقليدي لاستثمار هذه الموارد. دون الدخول في مشروعات بعيدة عن المجال الصحفي أو الإعلامي لأن النتيجة المتوقعة هي الفشل فحديثا قالوا: "ادي العيش لخبازه ولو يأكل تلات تربع.. وادي الشيء لأستاذه ولو تدفع عشان ينفع".
ثالثاً: استعادة الطاقات المعطلة بهذه المؤسسات سواء أكان قد تم تعطيلها بفعل فاعل أو بفعل الاحباط الذي أصاب معظم الزملاء بالصحف القومية نظرا لاتساع الهوة بين دخل الصحفي بالصحيفة القومية ودخل زميله بالصحف الخاصة الذي قد يصل إلي عشرة أضعافه أو قد يزيد فمباراة في كرة القدم تجمع أبناء المؤسسة كفيلة بفعل المستحيل.
رابعاً: تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بمنتهي الشفافية. لأن غياب هذا المبدأ كان أحد أهم أسباب اقتراب المؤسسات الصحفية من الانهيار وإصابة الصحفيين بالاحباط واليأس من الإصلاح وأصبحوا يرددون عبارة "مافيش فايدة" مع كل واقعة تمييز أو تفرقة بين الزملاء في المؤسسة الواحدة.
خامساً: استغلال الوضع الحالي الذي وصلت إليه الصحف الخاصة من ضعف مهني وشبه افلاس مادي والاستغناء عن العاملين بها فيعود الشيء لأصله وأصل الصحافة هي المؤسسات الصحفية القومية.
سادساً: استغلال حالة الرواج الإعلاني والحراك الاقتصادي وزيادة عدد المشروعات وضخ رءوس أموال جديدة من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب في السوق المصرية لجلب إعلانات غير تقليدية وابتكار أسلوب دعائي جديد يجذب المعلنين للإعلان عن بضاعتهم ومشروعاتهم بالصحف القومية التي تتمتع بأسطول ضخم من سيارات التوزيع ومكاتب موزعة علي جميع المحافظات ويمكن مثلا تأجير مساحات أجناب سيارات توزيع المؤسسات الصحفية الكبري الثلاث "الجمهورية والأخبار والأهرام" في الإعلان عن الشركات والمؤسسات الخاصة مع الاكتفاء بشعار كل مؤسسة علي بابي الكابينة فهذا يدر دخلاً كبيراً في السنة الواحدة.
الأفكار كثيرة ولكن الأزمة الحقيقية في المؤسسات الصحفية القومية هي أزمة فكر. فلا أحد يريد أن يفكر أو يقدم فكرة لديه لمؤسسته ويكتفون بترك الأمور لقيادات هذه المؤسسات لإدارتها. ثم ينقلبون عليهم ولو حدث اخفاق في أمر من الأمور.
أري في الأفق استفاقة قوية للصحافة القومية في القريب العاجل.. فالدولة والشعب في أشد الاحتياج لها الآن بعدما جلبته الصحافة الخاصة من كوارث علي مصر والمصريين.