معظم شعوب العالم، عرفت المحشى. وكل شعب له المحشى الذى يعشقه حسب توفر ما يصلح للحشو..
فالمصرى يجيدصنع المحشى: من الكرنب إلى الكوسة والباذنجان بنوعيه الأبيض والعروس والفلفل بألوانه أخضر وأحمر وأصفر.. وورق العنب، والبطاطس والخرشوف والطماطم.. بل «حشى» كل ورق: من ورق اللفت إلى ورق الخس ولأن المصرى يبحث عما يملأ المعدة، فإنه عشق استخدام الأرز فى الحشو مع تعدد الأعشاب: من بقدونس وكزبرة خضراء وشبت وكرفس.. وقليل من اللحم المفروم، فإن لم يتيسر اللحم ولو على «الريحة» أضاف قطعة من الدهن وبالذات «اللية» يعنى يدهنن بطن العيال بأقل التكاليف! أما غيرنا من الشعوب فكان الحشو فى الأساس من اللحم المفروم. وبالذات لحم الضأن أى يكون «الحشو» حسب ثراء الشعب.
ومحشى الكرنب هو زينة المحشى المصرى، وأنا نفسى أعشق ورق الكرنب الأخضر، لأنه أفضل غذائياً، من الورق الأبيض، فالخير كله فيما تعرض للشمس من حبة الكرنب، وعليكم بكل ما هو أخضر، مثل ورق العنب وورق اللفت وورق الخس، أما ما تحت هذا الأخضر فإنه أقل فى القيمة الغذائية.. ولذلك فإن شعوب العالم التى تفهم لا تزيل القشرة الخضراء من حبة الكوسة.. ولا تزيل القشرة الصفراء من حبة البطاطس لأنها وما تحتها مباشرة هى البروتين.. أما ما تحتها فهو من النشا.. أى الكربوهيدرات.. ولذلك يطبخون البطاطس: مقلياً، ومشوياً بقشرها أما نحن فنرمى القشرة بكل ما تحتها من بروتين، وهذا جهل غذائى لكل المصريين.
>> والمحشى التركى هو الألذ، وبالذات محشى الفلفل الأخضر ومحشى ورق العنب والكوسة، وأفضله - ويطلقون عليه «ضلمة» ما يؤكل فى المطاعم العامة والشعبية، بالأسواق العامة.. وكثيراً ما ذهبت إليها لأنعم بألذ محشى أكلته فى حياتي!!
ولكن المحشى اليونانى والقبرصى فأشهره هو محشى ورق العنب بسبب كثرة وتعدد أنواع العنب.. وهم أبرع من قاموا بحشو ورق العنب، طازجاً أى أخضر ومحفوظاً فى سائل ملحى، أو معبأ أو مجهداً، ولكن المصرى يتميز عليه بسب «الخضرة التى تضاف إليه.. وأيضاً بسب التوابل.. وهنا سؤال: إن كاليفورنيا - غرب أمريكا - مشهورة أيضاً بمزارع العنب.. وكذلك مزارع العنب فى منطقة بوردو فى جنوب غرب فرنسا، حيث أفضل العنب وبالتالى أجود أنواع النبيذ الفرنسى، المعتق.. هاتان المنطقتان لا يشتهر فيهما محشى ورق العنب.. أما فى إيطاليا - وهى أيضاً من أجودمناطق العالم فى زراعة العنب - فلا يشتهر فيها محشى ورق العنب.. إلا قليلاً!!
وأهل الشام «سوريا ولبنان وفلسطين» لا يعرفون محشى الملفوف على الطريقة المصرية والملفوف هو الكرنب ولكنهم وبعض مناطق السعودية يضعون أوراق الكرنب طبقات فى الحلة ثم طبقات من خلطة الأرز بالأعشاب يعنى بيوفروا وقتهم!! ثم يأكلونه على بعضه، ولكنهم فى المقابل عشقوا محشى «المعجنات» يعنى مثل السمبوسة وأخواتها.. محشوة باللحم، وبالخضر أو بالجبن بأنواعها.. ولذلك نجد الكبة الشامية هى الأشهر.. مقلية أو حتى بدون وضعها فى الزيت.. محشوة أو سادة بالصنوبر.. أو بدون!!
>> والمحشى المكسيكى - والأصل إسبانى - أكلته كثيراً فى تكساس.. بالذات فى هيوستون ودالاس.. وتناوله أكثر فى ولاية لويزيانا عند مصب نهر المسيسبى فى مدينة نيور أورليانز، وإذا كانت الأولى «تكساس» كانت تابعة لإسبانيا والمكسيك فإن الثانية وهى كانت فرنسية الأصل إلا أن نسبة كيرة من سكانهما من أصول إسبانية، ومكسيكية ولذلك أدخلوا ما يعشقون من طعام فى هذه المناطق.
ومن أشهى المحاشى هناك تناولت محشو الفلفل الأحمر والأصفر كبير الثمرة كثير التوابل، أى الحراقة بفضل عشقهم للشطة الحمراء!! بل وتناولت مرة محشى الخبز، ولكن الحشو كان من الأرز واللحم والأعشاب والتوابل، وبالذات فى المطاعم الشعبية وسط مدينة نيوأورليانز، وكانت رخيصة الثمن!!
>> والمحشى الصينى هو «السوشى» وهم يستخدمون الطحالب البحرية كغلاف بدلاً من ورق الكرنب وورق العنب، ويحشونه بما هو متاح من خضراوات ولكن المحشى اليابانى فهو نوع من السوشى ولكن باستخدام المنتجات البحرية من أسماك وجمبرى وكليمارى والغالى قد يتم حشوه بسمك السالمون غالى الثمن.. وقدانتشرت فى مصر المطاعم الصينية واليابانية التى تقدم المحشى الشعبى عندهم.
وفى فرنسا يحشون الدجاج، كاملاً.. أو شرائح من الدجاج محشوة بالمكسرات والخضراوات.
>> ولكن هل ننسى - فى مصر - البط الدمياطى المحشى بالبصل مع الزبيب «المارتة» والحمام المحشى بالأرز، والبرغل، والسمان المحشى، وكل أنواع الطيور المهاجرة: بلبول، شرشير، نغر، خضيرى، زرقاى، حمراى، جمرى أما العصافير فالدمايطة يحشونه بالزبيب والصنوبر.. وأحياناً يقدمون الدجاج - صغير الحجم - المحشى أيضاً بالمارتة.. أى بالبصل.
حقاً: المحشى يوكل.. رغم أنه سبب تحول المصريين - وبالذات السيدات - إلى مقدمة شعوب العالم فى علم.. الكروش!!