الوطن
محمود الكردوسى
«مسلم» رئيساً لـ«المصرى اليوم»: بضاعتنا ردت إلينا
من بين ركام وأنقاض حرب مصر ضد الإرهاب، ورغم روائح الموت وشياط الجثث وجنون القتل ومجَّانيته.. شرخت قلبى فرحة تمنيتها وانتظرتها وتوقعتها، بل وسعيت إليها: لقد أصبح صديقى محمود مسلم رئيساً لتحرير «المصرى اليوم»، الجريدة التى طالما قلتُ وسأظل أقول إنها صاحبة فضل علىَّ شخصياً، وعلى جيلين أو ثلاثة من العاملين فى مهنة الصحافة.

يوم الخميس الماضى تأكد للمقربين أن «مسلم»، وبعد مفاوضات استمرت بضعة أيام، أصبح على عتبة المنصب، وفى اليوم نفسه كان المصريون يتلقون أنباء ما جرى فى العريش، ويحسبون -ويحتسبون- شهداءهم من الجيش والشرطة. كان المناخ مقبضاً إذن، لكن تولى محمود مسلم رئاسة تحرير «المصرى اليوم» أصبح عزائى الوحيد. ويعرف كثيرون أن اسم «مسلم» طُرح للمنصب مرتين من قبل. الأولى عقب انتهاء فترة الصديق مجدى الجلاد، وهى الفترة التى شهدت «المصرى اليوم» خلالها طفرة مهنية وتوزيعية مذهلة، وكان «مسلم» رئيساً لقسم البرلمان، ثم مديراً للتحرير. والثانية عقب انتهاء فترة الزميل ياسر رزق. فى المرة الأولى فضَّل «مسلم» أن يكون شريكاً مع «عصابة الموهوبين» التى أقامت صرح «المصرى اليوم» فى تأسيس تجربة جديدة هى «الوطن»، وفى المرة الثانية لم تسفر المفاوضات مع إدارة الجريدة عن اتفاق مُرضٍ للطرفين، لكن الثالثة كانت «تابتة» كما يقولون.

لن أكون مبالغاً إذا قلت إن ما من أحد يصلح لرئاسة تحرير «المصرى اليوم» أفضل من محمود مسلم، كلاهما يستحق الآخر عن جدارة، وكلاهما أقرب إلى قلبى من حبل الوريد، «مسلم» هو أحد الآباء المؤسسين للجريدة، ويعرف «سرَّها المهنى» أكثر من كل الذين جلسوا على مقعد رئاسة تحريرها بعد مجدى الجلاد. يعرف جيداً غالبية محرريها وكوادرها الفاعلة، وتربطه بهم وبمجلس إدارتها، خاصة المهندس صلاح دياب، صداقة متينة، ويلاحق خطها البيانى -صعوداً وهبوطاً- كأنه لا يزال عاملاً فى بلاطها الفخيم، هذا حالنا جميعاً، نحن «عصابة الموهوبين» الذين صنعوا -مع كتيبة محررين مفعمة بالحماس والولاء- «طبخة المصرى اليوم» التى استعصت على كل من حاول أن يعبث بها.

كنا نعمل فى «الوطن» -وهذا ليس سراً- وقلوبنا فى «المصرى اليوم». نفرح لصعودها ونغضب لخروجها عن مسارها.. مهنة وموقفاً، كنا نقول لأنفسنا ولبعضنا البعض: هذه ليست مجرد تجربة مهنية ناجحة، بل «طفلنا» الذى أورثناه أفضل جيناتنا المهنية، وكبر أمامنا وبين أيدينا، ومع أن المنافسة «شرف مهنى».. فقد بلغ حبنا لـ«المصرى اليوم» ذلك الحد الذى جعلنا نعتقد أن «الوطن» لا ينافسه.. بل يكمله ويراكم على إنجازه، وكان لسان حالنا دائماً أن لنا فى بلاط صاحبة الجلالة تجربتين، أو قُل غرفتين متجاورتين، لذا فوجود «مسلم» على مقعد رئيس تحرير «المصرى اليوم» يعد «ترقية» فى سلم واحد، أو «شارة كابتن» لفريق واحد، وليس انتقالاً من «أهلى» إلى «زمالك» أو العكس.

لست ملزماً بالإطالة فى الحديث عن صداقتى لـ«محمود مسلم»، ولا عن سعادتى بتوليه رئاسة تحرير «المصرى اليوم»، ولا عن أحقيته بالمنصب، لكننى أسجل له اعترافاً بفضلٍ شخصى. لقد تعلمت منه، رغم أننى أكبره عمراً وعملاً فى المهنة، تعلمت منه وضوح الموقف والتدقيق فى تداول المعلومة، وتعلمت منه شراسة التصدى لخصوم الدولة المصرية، خاصة بعد ثورة 30 يونيو. وبالقدر نفسه تعلمت كيف أسيطر على انفعالى وأروضه، وكان إذا تحدث فى «خبر» أو «معلومة».. أقف صامتاً رافعاً قبعتى.

«مبروك» لا تكفى يا صديقى، الأهم أن مصر كسبت صوتاً وطنياً هى أحوج ما تكون إليه الآن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف