المصري، يأكل كل شيء من الذبيحة.. وليست نكتة أن يقول المصري: أكلت السمكة حتي رأسها. فاكرين صلاح ذو الفقار الحاصل علي الدكتوراه في «حتي» في فيلم الأيدي الناعمة!!
وإذا كانت بعض أجزاء الذبيحة لا ضرر فيها مثل لحمة الراس.. إلا أن كثيراً من أجزاء الذبيحة.. الضرر فيها أكثر من نفعها!! ورغم ذلك يأكلها المصري بشهية مفتوحة، خصوصاً وقد أبدع في تحابيش هذه الأكلات..
<< مثلاً: الكوارع.. والكلاوي والكبدة. والمخاصي. والكرشة. والطحال والطرب، أو المنديل.. وكل سمين من لية ودهن ولحم ملبس بالدهن.. والمخ.. كل هذه وجبات لذيذة.. ولكن فيها من الضرر ما لا يعرفه المصري.
فما هي الفائدة ـ مثلاً ـ في أكلة الكوارع. أقول بكل بساطة.. فيها جيلاتين. وليس فيها من البروتين الحيواني ما يذكر. والناس تتحدث عن المواسير، وشوربة المواسير، وما في هذه المواسير من نخاع.. وكلها مجرد شائعات.. ولكن الفائدة مثلاً ـ فيهاـ تكمن في ما يضاف علي طبق الفتة من خل وثوم وصلصة ولوبيا وشوية زبدة أو سمن.. أما الجيلاتين فقد يكون نافعاً.. ولكن ليس كما يتصور العشاق!!
<< أما الكبد والكلاوي فهما بيت الداء. وهي مصنع الدم للحيوان وحيث تجري عمليات تنقية الدم وإزالة ما به من مخلفات ضارة.. ولكن أين تذهب هذه المواد؟! إنها تترسب داخل خلايا الكبد.. والكلاوي.. أما الكرشة فهي معدة الحيوان.. ومهما تمت ازالة ما يعلق بها من مخلفات طعام الحيوان.. فإن هذا الغسيل لا يكفي.. وكذلك الطحال والفشة.. حيث تتجمع العديد من المواد الضارة.. ربما سرطان الحيوان في الأول أي الطحال، وأيضاً في الرئتين.. ورغم ذلك يعشقها المصري وبالذات علي عربات النواصي، حيث الرائحة تجذب الجائعين..
ونفس الشيء ينطبق علي الممبار.. أي المصارين «الأمعاء» ومنها صنعنا السجق والممبار البلدي.. وأجمل ما فيه هي هذه الخلطة التي يحشي بها السجق أو الممبار.. والمصري يفضل حلة الكرشة بصلصة الطماطم مع الحمص والثوم.. أي كل يذهب بأي طعم أو رائحة.. في الكرشة..
<< وعند عامة المصريين اعتقاد راسخ بفوائد أكل المخاصي.. وأبناء الشام والبادية يطلقون عليها «بيضات الغنم» وربما يأتي هذا الاعتقاد من أنها مكان انتاج الحيوانات المنوية عند ذكور الحيوانات ـ ولا يدري انها ـ أيضاً ـ منطقة لتجميع الكثير من المواد الضارة. والجزار إذا أراد أن يكرمك يقدم لك ـ فوق البيعة ـ جوز مخاصي، بعد أن يقوم بتقشيرها.. ثم فتحها ليسهل طبخها..
<< والمصري يعشق أيضاً تناول المخ ـ خصوصاً في شهور الشتاء ـ دون أن يعرف كميات الكوليسترول الرهيبة في هذا المخ. والطبيب ينصح من يعانون من نسب الكوليسترول المرتفعة بالابتعاد عن تناول المخ. لأن هذا الكوليسترول، هو ذلك القاتل الصامت!! فضلاً عن سرعة تعرض المخ للتلف، خصوصاً في الجو الحار.
وهناك من يعشق «الطرب»، أو هذا المنديل الدهني في بطن الذبيحة والبعض يفضله طعاماً علي شكل نوع من المحاشي.. تماماً كما يعشق البعض تناول لحم «النيفة» وهي من لحم الجدي مشوية علي الفحم. بسبب غناها بالدهن. بل ومن يعزك ويقدرك يقدم لك قطعة النيفة الملبسة بالدهن، لأنه يراها أفضل ما في هذا.. الكباب.. تماماً كما يحرص الكبابجي علي وضع قطعة من «اللية» وسط الشواء لإضافة طعمها اللذيذ وكذلك يعشق البعض تناول جوهرة الحيوان، أي عيونه.. وأيضاً جوهرة الأسماك الكبيرة!!
<< وعلي ذكر الأسماك لا أدري سر ارتفاع سعر الكلماري أو السيبيا إذ أن كل ما فيها عبارة عن «غضاريف» ولا ندري سر عشق اليابانيين لهذا الكلماري والسيبيا.. وبالمناسبة. لم يكن لهذين النوعين أي قيمة عند كل المصريين حتي 20 سنة فقط سابقة.. بل كان الصياد يلقي بها علي الشاطئ إذا علقت بشباكه يوماً.. وسبحان مغير الأحوال..
أما الملوخية ـ وهي عشق المصريين الأول علي الأرانب والدجاج ـ فليس فيها فائدة تذكر. وتأتي الفائدة من هذه الملوخية من الشوربة.. ومن التقلية والثوم والكسبرة الجافة التي تصنع منها هذه التقلية. يؤكد ذلك أنك لو ألقيت كمية من هذه الملوخية علي أرض ترابية، فإن هذا التراب لا يمتص الملوخية إطلاقاً.. ورغم ذلك فهي لذيذة وسبحان من حور الاسم من ملوخية إلي ملوكية، أيام الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله. أما الملوخية الناشفة ففائدتها في الطماطم والثوم والليمون والبصل والزيت.
<< ورغم كل هذه المعلومات سيظل المصري يأكل كل هذه الأطعمة، وبشراهة شديدة.. ويعتبر يوم تناولها.. يوماً من الأعياد!!