هناك مثل إنجليزي درسناه في مرحلة من المراحل التعليمية يقول: "جاك يدعي فهم كل شيء ولا يجيد فعل أي شيء" ومعني هذا أن الخواجة جاك يدعي المعرفة والفهم ويوهم الناس انه يعرف كل شيء ولكنه في واقع الأمر لا يجيد صنع أي شيء.
هذا المثل الإنجليزي تم تدريسه لنا منذ عشرات السنين علي أساس اننا يجب ألا نتدخل إلا فيما نعرفه ولا نتحدث إلا فيما نفهمه ولكن للأسف لم يحاول الكثيرون منا تطبيقه فصار الكل يتحدث ويفتي ويبدي رأيه في أمور لا يعرفها بل ويجهلها تماما في حين ان أصحاب هذا المثل من الأجانب يطبقونه حرفيا فلا نجد من بينهم من يتطوع للكلام في أي موضوع لكنهم يتحدثون ويعملون فقط فيما يعرفونه.. وعندنا بالنسبة للحرفيين مثلاً الكل يفهم في كل الحرف وعندما يمارسون العمل نجدهم لا يفهمون أبداً!!
طبعاً هذا الكلام ينطبق علي الميكانيكيين والنجارين والسباكين والكهربائية وغيرهم.. ولهذا لا نجد عندنا إلا نادرا عاملا فاهما صنعته لأن المهارة غابت بفعل الفهلوة.
هذا عن الأعمال المهنية أو الحرفية ولكن هناك من هم أخطر منهم يتكلمون فيما لا يفهمون.. يفتون في أمور بعيدة عن إدراكهم.. يحولون الوهم إلي واقع كاذب ويضعون أنفسهم في مواقع لا شأن لهم بها.. والمصيبة الكبري إذا كان ذلك يتعلق بمصير أمة أو كيان دولة.
أقول هذا الكلام بمناسبة ما قرأته في بيان يسمي "بيان الكنانة" الذي أصدره عدد ضئيل من جماعة تدعي لنفسها الأوصاف التي ذكرتها والتي اتخذت من شعار الخواجة جاك مثلاً لها!!
وفي البداية أريد أن أشير إلي عدة حقائق انه قبل الانتخابات البرلمانية التي تمت بعد حل مجلس الشعب عام 2011 ثم الانتخابات التي أعقبتها كانت جماعة الاخوان قد أعلنت انها ستدخل الانتخابات للتواجد فقط وليس للحصول علي الأغلبية ولكنها حنثت بوعدها وأتت أفعالا غير قانونية للحصول علي الأغلبية!!
وعند انتخابات رئيس جمهورية جديد في سنة 2012 أعلنت الجماعة انها لن تدخل معركة انتخابات الرئاسة ثم فجأة غيرت موقفها وأعلنت عن ترشيح أحد أعضائها ثم عادت وغيرته بالمرشح الآخر.. أي انه كان مرشحا احتياطيا.
وأتذكر انه في انتخابات الإعادة بينه وبين المرشح الآخر أكد انه الفائز وعندما عاد المذيع وكرر عليه كلمة لو "فرض" ونجح المرشح الآخر.. كان يرفض تماما هذا العرض ويؤكد انه الفائز!!
وعقب إغلاق صناديق الاقتراع أعلن أتباعه بأنه فاز بمقعد الرئاسة وتعجب الناس.. إذ كيف يتم الإعلان عن فوز مرشح والصناديق مازالت مغلقة بالشمع الأحمر أو ان الفرز مازال في بدايته.. ليس هذا فقط بل استعدت الجماعة بالميليشيات التي كونتها وبالإرهابيين الذين أخرجتهم من السجون كما قيل.
وبعد إعلان النتيجة بفوزه سكت المرشح الآخر.. وبعدها بدأت مظاهر الفوضي الرئاسية بداية من حلف اليمين الدستورية ثم الجهل المطبق بإدارة البلاد والتصرفات الغريبة التي تصرف بها الرئيس المعزول والتي تشبه إلي حد كبير تصرفات الحاكم بأمر الله الذي منع أكل الملوخية وحرم علي النساء الخروج وغير ذلك من أفعال المجانين والتي كانت سنة 996 ميلادية تقريباً وكنتيجة طبيعية لهذه التصرفات ثار الشعب ضد الحاكم بأمر الله كما ثار أيضاً ضد الرئيس المعزول في 30 يونية.. الذي استغاث لإنقاذه من براثن الجنون والفشل في الإدارة.. ولأن هذا الرئيس فقد شرعيته لعدة أسباب معلنة والتي كادت تؤدي بالبلاد إلي الدمار والضياع حدث هذا طوال عام 2012 ثم بعد ذلك يأتي "بيان الكنانة المزعوم" والمليء بالأكاذيب ورغم ان أصحاب هذا البيان وصفوا أنفسهم بأنهم علماء.. إلا أنهم فعلاً لا علاقة لهم لا بالدين ولا بالعلم ولا بأي أمر من الأمور.. ولكنهم مازالوا يتقولون بأن الشرعية سلبت منهم في حين انهم هم الذين أسقطوا الشرعية عن رئيسهم عندما كان مكتب الارشاد يحركه ويأمره ولهذا كانت القرارات يصدرها ثم يتراجع عنها.
كانت أحاديثه لا تذاع إلا عند الفجر وعندما كتب خطابا عجيبا لرئيس اسرائيل يمجده ويسبح بحمده.. كذلك فإنه تفنن في عدم رعاية مصالح الشعب والتي أقسم عليها اليمين. بل ترك الناس يتطاحنون ويثيرون الفتن.. وغير ذلك من الأمور البعيدة كل البعد عن أي شريعة أو دين.
ولا أدري سببا لصدور بيان الكنانة في هذا الوقت بالذات.. طبعاً قد يرجع ذلك إلي ما قامت به مصر الحديثة الرائعة من أعمال قومية تمت في مواعيدها المحددة وأمكن أيضاً تدبير الامكانيات لإصلاح ما أفسدته هذه الجماعة علي مدي عام كامل.. ثم بعد ذلك يتقولون كذباً علي ما يجري علي الساحة حالياً.
كنت أتوقع أن يرتفع صوتهم يهتف بعبارة "تحيا مصر" ولكنهم لا يعترفون إلا بجماعتهم التي لا علاقة لها بأي دين أو شرعية ولا تعترف بوطن أو قومية!!
** تحيا مصر
** بصراحة عبارة "تحيا مصر" لابد أن تأخذ مسارا صحيحا بحيث يتم تدريسها في المدارس تماما مثل شعار الخواجة جاك ويجب أن يحمل شعار "تحيا مصر" كل الأفعال التي تؤدي إلي تحقيقه بحيث يتعلم النشء الصدق واحترام العمل وعدم الفهلوة والسلوك القويم الذي نعاني من عدم وجوده حالياً.. عبارة "تحيا مصر" يجب ألا تكون مجرد شعار ولكن لابد وأن يتضمن كل الأساليب التي تجعل من مصر تحيا حياة كريمة رائعة خالدة.