نسبة ليست قليلة من المتعاملين مع الإنترنت تتلاشي ملامحهم الإنسانية ويصبحون مثل قطعان الديابة بأنياب وأظافر لا دين ولا أخلاق ولا أصول ولا احترام لذواتهم.. فجأة تراهم بلا أقنعة وبملامح قبيحة ويتكشف معدنهم الحقيقي أمام الأحداث والمناسبات غير العادية وحتي أمام جلال الموت والمصائب لايكترثون لحرمة ولا يراعون ابسط المبادئ. بسرعة يتجمعون يزرعون ألغاماً لنسف الصور الحلوة. ويلقون بالحجارة علي مصادر الضوء حتي تنتشر العتمة فلا يبقي مساحة للأمل.
ولا مفر من وجود هذه الكتائب الشريرة المنتشرة والتي تلقي بقاذورات أفكارهم وخيالاتهم المريضة. وأمنياتهم البغيضة في وجون من يبحرون في فضاء الشبكة العنكبوتية كأحد مصادر التواصل والوسائل التي يمارسون فوقها أنشطتهم الشريرة ومنها نشر العتمة وتوزيع أطنان الكآبة وإحلال القبح محل الجمال واليأس مكان التفاؤل.
هؤلاء الأشرار ومكائدهم الكثيرة أطلوا مؤخرا مع خبر وفاة الفنان الوطني العظيم نور الشريف الذي حملته اعناق المصريين ملفوفا بعلم مصر. اعترافا من الدولة بقيمة الفنان ودوره في تغذية الوعي والحس الوطني عند المصريين وفي قدرته علي إضافة الكثير من البهجة وفتح أبواب الأمل أمام تطلعاتهم وتكريس ثقتهم بالوطن الذي يعيشون فوق ترابه.
قدم نور الشريف عشرات الأعمال الايجابية المحترمة التي تناولت فترات من حياة المصريين ومن تاريخهم العربي وأصبح بما قدمه جزءا لا يتجزأ من الضمير الفني وأحد أعمدة السينما والتليفزيون الباقية والشامخة.
ومع شيوع الخبر الحزين امتلأ الفضاء الالكتروني الي جانب الأخبار والمقالات بمقاطع من أفلام منزوعة من سياقها ومن المناسبة والعمل التي ظهرت في إطاره بهدف الاساءة للراحل العزيز وتشويه صورة "الفنان" ومن ثم الفن السينمائي المصري عن عمد ونعته بالانحلال والخروج عن الأخلاق والدين.
وفي خضم هذا الشريط من اللقطات المنزوعة من سياقها تجد مشهداً للفنان نور الشريف مع سعاد حسني في فيلم "زوجتي والكلب" ومن دون ذكر اسم الفيلم ومع تعليق يوحي بعلاقة شخصية خاصة بين الاثنين.. وهذه اللقطات المنتشرة علي اليوتيوب والتي تجمع بين اثنين من افضل وأعز من أنجبتهم السينما المصرية والتي توضع بعناوين تؤكد أن من يقف وراء هذه المواقع لديهم مشاكل نفسية وفي نفوسهم غرض وهم يستغلون المشاهد بعد اقصائها بعيداً عن قصة الفيلم لاشباع رغبات مركبة شريرة. أهمها تشويه قيمة الفن وصناعة السينما الوطنية. وتشويه الرموز المؤثرة في ألبوم الممثلين الكبار ومن لديهم جماهيرية واسعة علي امتداد الوطن العربي.. فقد كان نور الشريف أحد أهم الجسور القوية الفنية التي تمتد بين مصر واشقائها العرب ليس فقط علي الشاشة السينمائية والتليفزيون وانما أيضا علي المستوي الشخصي وقد دفع في بعض الأحيان فاتورة عالية بسبب إصراره علي معالجة القضايا العربية "ناجي العلي نموذجا".
لقد تعرفنا علي نشاطات هذه الكتائب الظلامية الشريرة عندما انتشرت جماعات مثل أسراب الجراد والذباب والزواحف السامة في سنوات ما بعد ثورة 25 يناير ..2011 أي مع زحف جحافل التيار المتأسلم الباحث عن السطوة والنفوذ السياسي.. ورأينا علي الشاشات مدي حجم النفاق. وأشكال الأكاذيب. والألاعيب الشيطانية في طمس الحقائق. فهم يكذبون بنفس السهولة التي يتنفسون بها. ولديهم قناعة وهمية بأنهم قادرون علي شد الشعب المصري الي الوراء وطمس تاريخه وحاضره وفنونه ورموزه الفنية. مستخدمين جميع الأسلحة بما فيها سلاح التشويه والاشاعات وترويج الاكاذيب وبث الصور المنزوعة من سياقها ومكانها وزمانها. واستخدام الجمل المبتورة والشرائط بعد فبركتها واعادة انتاجها بما يخدم مآربهم.
إن كتائب الأشرار للاسف الشديد منتشرة بقوة جدا ومتداخلة في الاعلام الالكتروني والمقروء والمرئي وتدعمهم اموالا مغسولة "بمساحيق" تغسل اكثر بياضا ومن أهدافهم اغتيال الرموز الوطنية والعسكرية والفنية. والنيل من المشاريع القومية الكبري ومن الانجازات التي يجري تحقيقها علي أرض الواقع.
كتائب الأشرار لا تهمد ولا تكل ولا تمل.. في صدورهم مرض. وفي ضمائرهم خلل. ومشاعرهم تموج ولا يرون قوة الدفع الهائلة التي يملكها المصريون والتي لا تهزمها "كتائب" ولا قوي أخري في الخارج ولن تسعفها حملات التشويه.. لأنها تعمل وفقا للمثل القائل "العيار الذي لا يصيب يدوش".