خبر سعيد لا شك.. أن يتم الإعلان عن دخول الفلاحين وعمال الزراعة تحت مظلة التأمين الصحي.. فقد تركت هذه الفئة المطحونة بلا صاحب زمناً طويلاً.. خاصة بعد أن انسحبت الدولة من واجبها في توفير الرعاية الصحية المناسبة للمواطنين.. وتحولت المستشفيات الحكومية إلي خرابات بينما يتمتع القادرون برفاهية العلاج في مستشفيات ذات نجوم خمس أو بالعلاج في الخارج علي نفقة الدولة.
صحيح أن التأمين الصحي عندنا يعاني أشد المعاناة بسبب نقص التمويل بالقياس إلي أعداد المرضي المنتفعين.. لكنه يظل في النهاية هو الملاذ الذي يحتمي به أبناء الطبقة الوسطي والفقيرة والشرفاء الذين لم تمتد أيديهم إلي سرقة المال العام وبالتالي ليس في استطاعتهم العلاج في الخارج ولا في مستشفيات النجوم الخمس.
ويمثل انضمام الفلاحين وعمال الزراعة إلي التأمين الصحي نقلة نوعية مهمة في حياة هؤلاء المواطنين المصريين الشرفاء العاملين الذين هم ركيزة التنمية الزراعية علي مر العصور.. كما أنهم طليعة القوي الوطنية الإنتاجية التي تحملت أعباء التنمية.. وهم في نفس الوقت من أكثر فئات المجتمع ضعفاً وفقراً وحرماناً من الخدمات العامة.. ونظراً لظروف العمل الزراعي وطبيعته الشاقة فإن الفلاحين من الفئات الأكثر عرضة للعديد من المخاطر والمشاكل الاجتماعية والصحية والأمراض المزمنة والمضاعفات.
كما يمثل انضمام الفلاحين وعمال الزراعة إلي التأمين الصحي نقلة نوعية مهمة وتحدياً كبيراً للنظام الذي تسير عليه الهيئة العامة للتأمين الصحي والتي تعاني ـ كما قلت ـ من تكدس المرضي وضعف التمويل.. ومعروف أن معظم مرضي التأمين من أصحاب المعاشات والموظفين.. وهؤلاء يمثلون شريحة واسعة جداً في المجتمع.. ويشكلون ضغطاً هائلاً علي ميزانيات ومخصصات التأمين التي لا تتنامي بنفس السرعة التي تتزايد بها المخاطر والأمراض في بلادنا.. وبالتالي يشكو الناس من تدني مستوي الخدمات الصحية لدي التأمين.. وعندما تدخل شريحة الفلاحين وعمال الزراعة تحت مظلة التأمين الصحي فإنها تمثل عبئاً جديداً وثقيلاً علي هيئة التأمين الصحي والعاملين فيها.. وهنا يجب علي الدولة أن تقدم دعماً حقيقياً وفعالاً لنظام التأمين الصحي القائم بما يجعله قادراً علي القيام بواجباته تجاه المواطنين جميعاً بشكل مقبول إنسانياً وطبياً.
يقول أستاذنا الكبير د.سعد نصار: "يعتبر فلاحاً كل من يمتهن نشاط الزراعة وتمثل الزراعة المصدر الرئيسي لدخله.. كما يعتبر عاملاً زراعياً العامل بأجر سواء أكان عاملاً ثابتاً أو موسمياً.. ويقدم نظام التأمين جميع الخدمات العلاجية والتأهيلية التي يغطيها التأمين الصحي في حالتي المرض والحوادث".
وطبقاً للقانون.. فسوف يمول نظام التأمين الصحي علي هؤلاء من الاشتراكات السنوية التي يتحملونها بما لا يتجاوز 120 جنيهاً سنوياً.. والاشتراكات التي تتحملها خزانة الدولة بواقع 200 جنيه سنوياً عن كل مشترك.. ونسبة 2% من مقابل الخدمات التي تقدمها وزارة الزراعة إلي جانب الدعم المالي الذي تقدمه الجمعيات والاتحادات المختصة بالزراعة والإعانات والتبرعات والهبات والمنح التي تخصص للتأمين الصحي ويقبلها مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي.
والنقطة الأهم في هذا الصدد أن حصيلة تلك الموارد سوف توضع في حساب خاص لنظام التأمين الصحي علي الفلاحين وعمال الزراعة لدي الهيئة العامة للتأمين الصحي.. ويتم فحص المركز المالي لهذا الحساب سنوياً.. فإذا تبين وجود عجز يسدد هذا العجز من خزانة الدولة وإذا تبين وجود فائض يرحل هذا الفائض إلي السنة المالية التالية.
هذه نقلة مهمة وجيدة.. يجب أن تطبق علي التأمين الصحي لكل فئات المجتمع.. لكي يشعر المواطن بأن خزانة الدولة تدعم فعلاً احتياجاته الصحية.. ولا تتركه في مهب الريح.. بينما تشكو الهيئة العامة للتأمين الصحي من ضعف الموارد والعجز في ميزانياتها.. وبالتالي عدم قدرتها علي توفير الرعاية الصحية بالمستوي اللائق.