قبل فترة تم تسريب بعض المواد من مشروع تنظيم الصحافة والإعلام، واتضح من المواد التي تعمدوا تسريبها أن مشروع القانون لا يقنن أو ينظم لمهنة اسمها الصحافة، بل ينظم العمل فى الصحف والمجلات الحكومية، أقصد التي تمتلكها الحكومة، وأيامها نبهنا وحظرنا من هذا الفكر الذي قد يعمل على الانقسام الصحفي، واقترحنا آنذاك أن يؤسس الصحفيون بالصحف الحزبية والخاصة، وهم يشكلون الأغلبية، نقابة خاصة بهم بعيدا عن النقابة المعنية بالصحافة الحكومية وحدها، وذلك في حالة إصرار النقابة وبعض أعضائها على المشروع المزمع إعداده.
قبل يومين عقد نقيب الصحفيين مؤتمرا بالاشتراك مع بعض أعضاء اللجنة التي أعدت المشروع، وأعلنوا عن مشروع القانون، واللافت للانتباه أنهم روجوا خلال المؤتمر أنهم بعون الله قد انتهوا من أهم مشروع لتنظيم الصحافة والإعلام في تاريخ مصر ومنطقة الشرق الأوسط الصحفي، وأنهم قد اتفقوا «علينا أن نندهش ونصدق» على 200 مادة واختلفوا حول سبع مواد فقط.
على أية حال عدنا لنص مشروع القانون الفريد والمدهش، وللأسف اتضح لنا أن حكمنا عليه من بعض مواده لم يكن سابقا لأوانه، ولا أن توصيفنا له ولمن وضعوه مجرد توهم، والبينة كما يقولون على من ادعى، وللزملاء العودة لمواد القانون وسيكتشفون بسهولة ما نحكى عنه أو ما ندعيه، على سبيل المثال، المادة 84 تتناول المد حتى سنة الـ 65 سنة للصحفيين والعاملين بالصحف القومية فقط، والمادة 85: لإنشاء صندوق لعلاج الصحفيين والعاملين بالصحف القومية بعد تقاعدهم، ومن المواد التى نرى خطورتها على الصحفيين وعلى مستقبلهم، المادة 12: وتتناول تحرير عقد محدد المدة للعاملين بالصحف والإعلام بشكل عام، وليس للعاملين بالمؤسسات الحكومية، والمادة 2: تعيدنا لعصر الرقيب الناصري والفاشى بدلا من الاحتكام للقانون، حيث تسمح برقيب من الأجهزة الأمنية خلال فترة الحرب أو التعبئة العامة، أما المادة 3: فهى تسمح للمجلس الأعلى للصحافة «فى عصر العولمة والانترنت» بمصادرة الصحف والمطبوعات الأجنبية تحت زعم الحفاظ على مسميات لا يمكن ضبط تعريفها أو تحديدها، وهى ما سموه بــ الأمن القومى وتكدير السلم العام، ونتحدى فلول الاتحاد الاشتراكى أن يضعوا لنا تعريفا جامعا مانعا للسلم العام أو الأمن القومى، أضف إلى ذلك أن هذه المطبوعات او الصحف يمكن الرجوع إليها فى الانترنت أو فى البرامج الإخبارية فى الفضائيات، وهو ما يعنى أن جماعة الخير بقايا الفكر الاشتراكى مازالوا يعيشون فى عصر المنفلة.
ومن المواد الخطرة بالفعل وتسمح بانتهاك حرمة منزل الصحفي، المادة 45: التى تبيح تفتيش منزل الصحفي فى قضايا النشر من قبل قوة يصاحبها رئيس نيابة، ومن أطرف وأخطر المواد، المادة 57: التي تسمح لقواد سابق أو مرتش سابق أو تاجر مخدرات سابق بإصدار صحيفة يومية أو أسبوعية أو شهرية، بشرط أن يرد اعتباره، كما سمحت المادة 95: بتعيين رئيس مجلس إدارة للجريدة سبق وسجن فى قضايا دعارة أو مخدرات أو سرقة أو رشوة أو اختلاس أو أو شرط ان يرد اعتباره، ورد الاعتبار فى القانون: هو إلغاء تسجيل السابقة من السجل الجنائى (الفيش والتشبيه) بحكم قضائى بعد مرور خمس سنوات على خروجه من السجن، يعنى بالصلاة على النبى بعد صدور هذا القانون قد نفاجأ بأحد القوادين أو تجار المخدرات أو المرتشين أو اللصوص السابقين، يصدر بعد رد اعتباره صحيفة، وقد يفاجأ الصحفيون خلال العام القادم أن صاحب جريدتهم قواد أو تاجر مخدرات، ويعايرونهم فى النقابة أو لدى المصادر بصاحب جريدته، ويمازحونه: «أخبار النسوان إيه»، أو مافيش حتة حشيش نلف سيجارتين، مش بنقول لكم: دى هتهيص وهتبقى فل الفل. (الفلول: جمع فل، وفلول الشيء: ما انفصل أو تناثر منه، وفلول الجيش: الجماعات المتفرقة من الجنود المنهزمين، وفلول الاتحاد الاشتراكى: الأشخاص الذين تبقوا من أتباع الفكر الاشتراكى والناصرى)