محمد فؤاد
ع الطريق .. ليس بعد الأم.. "يُتمْ"!!
اعلم تماما انك لن تقرائي هذا المقال. رغم أنه تدوين للحظات الأخيرة التي عشتها معك. وانت التي كان من عادتها قراءة كل ما اكتبه بانتظام. بينما انتظر انا رأيك فيه. لأنك قارئي الجميل الذي اعتز برأيه. واعمل بتوجيهاته..
اعلم تماما انك لن تقرئينه. كما قرأت من قبل ما خصصته لك في عيد ميلادك الأخير. في أبريل الماضي. ولذلك سيكون هذا المقال مناجاة بينك وبيني..
مازلت اذكر ذلك اليوم جيدا. الزمان والمكان والحدث..
الزمان: السبت 8/8/2015 عصرا..
المكان: منزلك العامر بضاحية دار السلام بالقاهرة:
الحدث: عندما بكيت بين يديك وتحت قدميك. طالباً منك ان تكوني انت من يكفنني ويواريني التراب ويبكيني حزنا وفراقاً غير ان القدر كان له كلمة اخري. فقمت انا بما طلبته منك!!
لا اريد ان ادخل في متاهات من خالف من. انا أم أنت..؟!
فتلك الاسئلة ليس لها سوي رد واحد. وتلك المتاهات ليس لها سوي مخرج واحد. هو القدر والأجل الذي حان موعده "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".. جاءني الناعي بنبأ عاجل وهام. لقد سقط النسر الشامخ من عليائه في قبضة الموت. دون أي مقاومة تذكر. فسألت نفسي لماذا يكون الإنسان ضعيفا أمام الموت. رغم ذكائه وحيلته وقوته. وهو الذي يتغلب علي كل شيء وأي شيء؟!
أمي..
اعترف. انني لم اشعر بـ "اليتم" الحقيقي إلا منذ رحلت عن دنيانا. منذ 9 أيام فقط. ولم اشعر به طيلة 34 عاما. عندما غادرنا الأب إلي العالم الآخر. كنت لنا في تلك السنين الطوال. القائد والمعلم والراية والدليل. وتحملت المسئولية كلها علي كاهلك.
واعترف أيضا. أن عقلي ووجداني يرفضان فكرة موتك. فأنت تملأين المكان بكل كيانك. لم تخطئك عيناي أو اذناي للحظة واحدة!
لقد بحثت عن أي تفسير ديني او شرعي او اجتماعي. لمثل حالة ارتباطي الشديدة بك. فلم أجد سوي التفسير النفسي لـ "فرويد" الذي ردها إلي عقدة "اوديب"!!
انني قرأت كثيرا عن الموت وفلسفته. عند العديد من المفكرين والفلاسفة. وانتهيت إلي انه ليس سوي حالة. تفارق فيها الروح الجسد. مهما حاولوا الخروج بعيدا عن تلك الفكرة. ولكن منذ ان ماتت أمي. ادركت انه فراق مؤلم وعميق. ومرارة نتجرعها علي راحلينا في كل وقت وحين.
رحمك الله رحمة واسعة. وغفر لك وادخلك فسيح جناته. والهمنا الصبر والسلوان.