مؤمن الهباء
شهادة .. استغاثة لرئيس الوزراء
ستظل آفتنا الكبري أننا لا نثبت علي موقف.. ولا نكمل مشواراً لآخره.. ولا نعطي تجربة ناجحة حقها من الاتساع والانتشار.. قد نبدأ بداية جيدة.. ونتحمس لمشروع ما أو لفكرة ما.. ثم سرعان ما ننقلب علي مشروعنا أو فكرتنا.. ونتخذ منها موقفاً مضاداً فنخربها عمداً أو نهملها ونتجاهلها حتي ينتهي أمرها.. وبعد فترة من الزمن قد نتذكرها.. ونعيدها إلي دائرة الضوء ونتحمس لها من جديد.. وهكذا يضيع عمرنا وتضيع مشاريعنا وأفكارنا في حلقة مفرغة من التجارب لا تنتهي.
هذه الحالة يسميها د.أحمد عكاشة ـ أستاذ الطب النفسي ـ "عدم استقرار عاطفي".. لكنها في الحقيقة تتعلق بما هو أبعد من العاطفة.. تتعلق بدرجة النضج العقلي والوعي السياسي والمسئولية الوطنية.
نحن أساتذة في استحداث وزارات لها أسماء رنانة ثم نلغيها.. وإقامة مشروعات قومية عملاقة مثل توشكي وترعة السلام ثم إهمالها وتجاهلها لكي نعود إليها من جديد وكأنها اكتشاف.. نلغي السنة السادسة الابتدائية والتعليم الفني الصناعي ثم نعيدهما ونتحمس لهما من جديد.. ناهيك عن تجاربنا مع النظم السياسية.. نبدأ مع الرأسمالية ثم نتحول إلي الاشتراكية ثم نعود إلي الرأسمالية والانفتاح.
بين يدي رسالة استغاثة من العاملين بشركة إسكندرية للتبريد تعرض نموذجاً صارخاً لهذا التهريج الذي أدي إلي تخريب واحدة من قلاعنا الصناعية الوطنية.. والآن تبحث الحكومة إقامة شركات مماثلة ـ أجنبية هذه المرة ـ ومنحها التسهيلات اللازمة لتؤدي الدور الذي كانت تؤديه شركاتنا المصرية بكفاءة عالية.. وكأننا نبدأ من جديد بخبرات أجنبية.
تقول الرسالة:
نشرت الصحف في 10/8/2015 أن وزارة التموين تلقت عروضاً من شركة موليكس الإيطالية العالمية لإقامة عدد من الوحدات اللوجستية لتخزين الحبوب والسلع الغذائية وخاصة سريعة التلف والحبوب السائبة والمعبأة والخضر والفاكهة لفترات قصيرة وطويلة الأمد بأسلوب متطور وتوفيرها علي فترات منتظمة والحد من نسبة الهالك الذي يتراوح بين 50% و60% بسبب التلف مما يقلل من التكلفة.
ولما كانت شركتنا ـ إسكندرية للتبريد ـ من الشركات الرائدة في مجال حفظ السلع الغذائية سواء بالتبريد أو التجميد منذ عام ..1945 خاصة بعد دمج شركة جركو للتبريد والهندسة وشركة القاهرة للثلج والتبريد.. أي أن الشركة حالياً نتاج ثلاث شركات عملاقة في هذا المجال.. وهي حالياً إحدي شركات الشركة القابضة للتشييد والتعمير وسابقاً كانت تتبع الشركة القابضة للصناعات الغذائية.. فإننا ندعو السيد رئيس الوزراء والسيد وزير التموين إلي دعم شركتنا لكي تكون في طليعة الشركات التي تقوم بالدور المطلوب في التخزين والتبريد قبل الشركات الأجنبية.
كانت شركتنا تقوم بنشاطها المكمل لشركات الشركة القابضة للصناعات الغذائية حتي عام 1992 كمخازن حفظ السلع الغذائية لتوفيرها طوال العام وإقلالاً لنسبة الفاقد.. ثم فوجئنا بوضعها تحت التصفية منذ عام 2002 وحتي صدور قرار الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للتشييد والتعمير في 24/5/2015 بعودتها لممارسة نشاطها مع دمجها ـ ياللعجب ـ في شركة النصر للمقاولات "حسن علام".. في نفس الوقت الذي تحتاج فيه الدولة إلي أماكن لوجستية لحفظ المواد الغذائية.
إننا نهيب بكل المسئولين في الدولة إعادة النظر في أمر شركتنا وإعادتها إلي الشركة القابضة للصناعات الغذائية حيث إن نشاطها الرئيسي هو التخزين بالتبريد والتجميد وإنتاج الثلج توفيراً للإنفاق العام.. خاصة أن ثلاجاتها منتشرة في معظم أنحاء الجمهورية وطاقتها التخزينية 44 ألف طن.. ولا تحتاج حالياً إلا إلي ضخ استثمارات يسيرة نتيجة لوضعها تحت التصفية لأكثر من 13 عاماً.