الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
عظمة الإسلام وواقع المسلمين

الإسلام دين مكارم الأخلاق بكل ما تعنيه الكلمة من معان. تتجلي عظمته في أسمي معانيها في جوانبه الأخلاقية. فهو دين الرحمة. والعدل. والصدق. والأمانة. والعفاف. والوفاء. وكل القيم الإنسانية النبيلة. وقد لخص النبي "صلي الله عليه وسلم" الهدف الأسمي لرسالته بقوله "صلي الله عليه وسلم": "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". ولما سئل "صلي الله عليه وسلم" عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال عليه الصلاة والسلام: "تقوي الله وحسن الخلق" "سنن الترمذي". ويقول "صلي الله عليه وسلم": "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً" "سنن الترمذي".
وتتجلي عظمة الإسلام ايضا في إنصافه الآخر والمختلف. وإيمانه بالتنوع الحضاري والثقافي. حيث يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ہ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" "هود: 118 - 119".
وتعد وثيقة المدينة أفضل أنموذج في تاريخ البشرية لترسيخ فقه التعايش السلمي المشترك بين الأديان والأجناس والأعراق والقبائل. بما حملته من روح التسامح وإنصاف الآخر. وحريته في المعتقد. حيث يقول الحق سبحانه وتعالي: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" "البقرة: 256".
فقد نصت هذه الوثيقة علي أن: يهود بني عوف. ويهود بني النجار. ويهود بني الحارث. ويهود بني ساعدة. ويهود بني جشم. ويهود بني الأوس. ويهود بني ثعلبة. مع المؤمنين أمة. لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.. وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم. وأن بينهم النصر علي من دهم يثرب. وأن من خرج منهم فهو آمن. ومن قعد بالمدينة فهو آمن. إلا من ظلم أو أثم. وأن الله "عز وجل" جار لمن بر واتقي. ومحمد رسول الله "صلي الله عليه وسلم".
غير أن واقع كثير من الجماعات المنتسبة ظلماً إلي الإسلام يعكس واقعاً مراً. فنري القتل وسفك الدماء. والتدمير والتخريب. الذي يرتكب باسم الإسلام وتحت راية القرآن. والإسلام والقرآن من كل ذلك براء. وآخرها تلك الفعلة الإجرامية الشنعاء النكراء بحرق الطيار الأردني. تلك الفعلة الآثمة التي تعد وصمة عار في تاريخ وجبين الإنسانية. إضافة إلي ما نعانيه من عمليات إرهابية من قتل وتفجير. وتخريب وفساد وإفساد علي يد تنظيم الإخوان الإرهابي والجماعات التي انبثقت عنه أو تعمل في موالاته.
كما نري تخلفاً عن مصاف الأمم المتقدمة في العمل والإنتاج علي عكس ما يأمرنا به ديننا الحنيف. حيث يقول الحق سبحانه: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" "الملك: 15". ويقول سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ہ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا في فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" "الجمعة: 10". وقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة. فإن استطاع ألا يقوم حتي يغرسها. فليغرسها" "رواه أحمد". ويقول "صلي الله عليه وسلم": "خيركم من يأكل من عمل يده" "أخرجه البخاري". ويقول عليه الصلاة والسلام: "من أمسي كالا من عمل يده أمسي مغفوراً له" "أخرجه الطبراني".
كما نجد انحرافاً واضحاً لدي كثير من المنتسبين إلي الإسلام في مجال القيم والأخلاق. فبينما يأمرنا الإسلام بالصدق. والوفاء بالعهد. وأداء الأمانة. نجد واقع المسلمين غير ذلك. مما يتطلب جهداً كبيراً لتصحيح هذه الأخطاء. وإزالة التشوهات والنتوءات التي لحقت بالوجه الحضاري السمح لديننا الحنيف. وهو ما نأمل أن يعالجه مؤتمرنا القادم للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية تحت عنوان "عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه: طريق التصحيح" في بحوثه وتوصياته. أو أن يسهم علي أقل تقدير في تصحيح أخطاء هذه الجماعات. وإبراز الوجه الحقيقي لسماحة الإسلام وأوجه عظمته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف