الملابس مرآة العصر. ولكل عصر ملابسه وأزياؤه. ولكل مجتمع ما يشتهر به من الملابس.. الصعيد له ملابسه. رجالاً ونساء. والمدن كذلك تختلف عن ملابس القري.. إذا ما شاهدت أحد الأفلام المصرية القديمة وجدت الرجال يرتدون ملابس في المنزل بشكل يختلف عما نحن عليه الآن.. الجلابية والطاقية أو البيجامة المقلمة التي كان يرتديها الفنان فؤاد المهندس في أفلامه أو الفنان عبدالمنعم مدبولي.
حين تشاهد فيلماً حديثاً يصور مرحلة من المراحل الماضية في النصف الأول من القرن العشرين أو ما قبلها تجد ملابس الرجال والسيدات وحتي الأطفال مختلفة كل الاختلاف عما نحن عليه الآن.
ملابس الستينيات من القرن الماضي غيرها عن ملابس النساء والرجال في السبعينيات وما بعدها وهكذا. ومن يذكر موضة الشوال والبرميل في ملابس النساء والبنطلون والقميص الذي كان يرتديه ألفيس بريسلي المغني الأمريكي المشهور سيطر أيضاً بنطلون جيمس دين الساقط عن الخصر بمسافة بصورة ملحوظة والميكرو جيب للنساء والبنات. ومن ثم فإن الملابس ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنظام المجتمع وثقافته وما شيع فيه من أعراف وموضات وانتشار الحجاب في مصر نتيجة الإيمان بأن المرأة مطالبة بإخفاء محاسنها إلا علي زوجها هي ثقافة انتشرت في الفترة الأخيرة ثم تطور الحجاب في نظر الكثيرات فأصبح قاصراً علي غطاء الرأس جيداً وترك باقي أعضاء الجسم مجسماً محدداً داخل الملابس للاعتقاد بأن الحجاب في نظر بعضهن هو غطاء الرأس فقط رغم البنطلون والبلوز أو الفستان الملتصق بالجسد بصورة لافتة. ورغم كل هذه التغيرات في أنواع الملابس لم نلحظ يوماً ان رجلاً أو امرأة منع من دخول أماكن بسبب ما يرتديه أو ترتديه من ملابس للاعتقاد بأن الإنسان إذا كان حراً في ذاته فهو حر في ارتداء ملابسه ما لم يخرج عن العرف والمألوف. وما يضعه في مصاف فاقدي الأهلية وضعاف العقول ومريض العقل هو الإنسان الوحيد الذي يمكن أن يتعري من ملابسه أو يكشف عما يجب أن يستره الإنسان.
من ثم فإن حرمان إنسان من دخول أماكن بسبب ملابسه التي ينفر منها المجتمع هو تمييز وانحراف عن حق المساواة وحق حرية التصرف والخصوصية.
ما نسمعه ونقرؤه اليوم من منع سيدات من دخول حمامات السباحة لإرتدائهن لباس بحر يغطي جسمها صنعته بيوت الأزياء خصوصاً للمحجبات من النساء هو عنصرية ممجوجة وتمييز مشوه وفتنة المجتمع في غني عن إشعالها ومن قام بهذا العمل لا يقل عنصرية وتزمتاً عمن يهاجم امرأة لارتدائها ملابس تكشف عن بعض جسمها وتحجب ممنوعاً.. لا فرق بينه وبين من لا يعرف كيف يخاطب الناس بالحسني وينصب نفسه قاضياً يحكم علي الناس بلا قيود ويشيع الفرقة والخلاف في المجتمع.