الأهرام
نبيل عمر
الشيطان.. الذى هزمته
عام كامل مرَّ على انتصارى على ذلك الشيطان..الشيطان الذى كاد أن يدمر حياتى لولا تمكنت –بفضل الله- من الإفلات من براثنه..شيطان أضعف من أن يُذكر فى قائمة الأعداء، لكنه رغم ذلك هزم الكثيرين وسحق حياتهم سحقاً. شيطان اسمه المنتشر بيننا هو "الفيسبوك".
فى مثل هذه الأيام من العام الماضى قررت أن أنهى سطوة "الفيسبوك" على حياتى، وذلك بعد أن تسلل إليها بخفة الأفعى وخبث الحرباء، ولم أشعر بنفسى إلا وقد شغل جزءاً أساسياً منها، ووجدتنى أقضى جُلَّ يومى أعبث بأزرار لوحة المفاتيح، وبدلاً من العلم الذى كنت قد بدأت طريقاً طويلاً وجاداً فى تحصيله، إذا بالوقت يذوب بفعل هذا الشيطان، وإذا بالساعات والأيام تمر فى عبث مرير لا يسمن ولا يغنى من جوع.
ودون أن أدرى وقعت فيما أكره، فبدأت أوالى وأعادى الأشخاص على ما يكتبونه فى صفحاتهم، بل وجرفتنى الأمواج العاتية إلى التسلل إلى صفحات الآخرين –ممن لا يحق لى معرفتهم أصلاً- والتجسس عليهم والحرص على قراءة تفاصيل وتطورات حياتهم، ووصل الأمر إلى نشر تفاصيل حياتى وانتظار ردود الأفعال عليها، وأصبح الحظر أو "البلوكد" إهانة لا تُغتفر لمن يقدم عليه بحقى، أما الطامة الكبرى فكانت استخدامى ذلك الاختراع البشع المسمى بـ"الشات" والذى هو أسوأ ملحقات الشيطان الفيسبوكى..
باختصار.. لقد كاد هذا الشيطان أن يفتك بى بعد أن فرض سيطرته علىَّ وذابت حسناته القليلة فى بحر مساوئه الذى لا حدود له... وأصبحت شخصاً نرجسياً يبحث عما يستميل به أصدقاء الفيسبوك، ويترقب ردود الآخرين على أفعال لا يبغى بها سوى الشهرة والسُمعة.
وفى لحظات قدَّر الله لى فيها كل الخير، أدركت كم عبث هذا الشيطان بحياتى، فاستخرت الله واتخذت القرار، وأعترف أنه كان قراراً صعباً, وأنى كنت أبدو كمن يُقلع عن شئ أدمن تعاطيه وتركه يتسلل إلى مسام جسده، وعندما أعطيت الأمر بإغلاق صفحاتى كلها، كان ظنى أنى لن أستكمل طريق الشفاء، وأن الفترة التى منحها لى الشيطان للتراجع عن قرارى لن تمر إلا وقد عدت إلى أسرى مستسلماً لقدرى الذى بدا لى محتوماً، ومعتذراً عن قرارى الأهوج..
ولكن ما حدث كان رائعاً، فقد عدت سالماً إلى نفسى التى كادت أن تضيع منى، ووجدت الحياة بدون الفيسبوك أجمل وأحلى.. صحيح أنى كنت فى الأيام الأولى أبدو كالمحموم الذى يتقلب على فراش المرض يعانى آلاماً لا تُحتمل، لكنى فى النهاية انتصرت.. وشُفيت.
نعم.. لقد شُفيت، وشُفى عقلى وقلبى.
وبعد عام كامل أستطيع أن أقولها بكل ثقة..
أنا الذى هزمت الشيطان..
شيطان اسمه "الفيسبوك".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف