مصطفى شفيق
مشروع قانون التمييز بين الصحفيين يتجاوز إختسصاصات لجنة الخمسين
(مازلنا ننتظر استكمال الحوار حول مواد مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام لأن البديل في منتهي القسوة)
الانقسام الحاد الذى أحدثه مشروع قانون تنظيم العمل الإعلامى وصل إلى حد التراشق بالألفاظ... ولعل ما صدم العاملين فى الصحف الحزبية أن المشروع أفرد مواد لتقنين ميزات لصحفيى المؤسسات القومية... متجاهلا زملاءهم فى الصحف الحزبية والخاصة... رغم أننا جميعا نمارس نفس المهنة... ونتعرض لنفس المخاطر والصعوبات... وننتمى إلى نقابة واحدة شارك نقيبها وثلاثة نقباء سابقين فى صياغة مواده... هذه التفرقة التى وضعها شيوخنا وأساتذتنا وزملاؤنا فى القانون تؤكد أن هناك إصراراً على تكريس فكرة صحف الشمال التى لا تعرف إلا الميزات... وصحف الجنوب التى يجب على العاملين فيها أن يحمدوا الله على قبولهم فى النقابة.
لا نستطيع نحن العاملين فى الصحف الحزبية أن ننكر أننا كنا جزءاً فى جلسات استماع داخل مؤسساتنا مع زملاء من لجنة الصياغة... لكن، وحتى لا يحتج علينا واحد من الزملاء أعضاء لجنة الخمسين، فإن كل المناقشات التى دارت فى هذه اللقاءات انصبت على متاعب المهنة... وما نطلبه لتسهيل أداء العمل... وتأمين الصحفيين فى الميادين الخطرة... وضمان الحصول على المعلومات بمجرد طلبها... واعطاء حرية أكبر للصحفيين فى التحرك حتى أثناء فترات حظر التجوال... كلها قضايا مهنية نعانى منها جميعا... ونأخذ نحن العاملين فى الصحف الحزبية النصيب الأكبر منها... ويبدو أن جلسات الاستماع هذه كانت أشبه بالجلسات الانتخابية... كلامها كثير... وقضاياه متعددة... ومعلنة... ويشارك فيها الجميع... ويبقى هدفها فى بطن واحد فقط.
إننا نفهم أن يكون التمييز بين أبناء المهنة الواحدة العاملين فى مؤسسات مختلفة موجودا فى اللوائح الداخلية... ونفهم أن يعطى المالك حوافز... ومكافآت فى نهاية الخدمة لموظفيه فقط... لكن أن يتم تقنين التمييز بين أبناء النقابة الواحدة فهذا الغريب فى الأمر... هذه الغرابة بعيداً عن أنها تصم القانون بعدم الدستورية... فإنها تؤجج نارا بين الإعلاميين لسنا فى حاجة إليها فى الوقت الراهن... وهذا التمييز يضر كثيرا بحالة الاصطفاف الوطنى غير المسبوقة– أو النادرة التى وصل إليها الإعلام المصرى بصحفه وقنواته... الحكومية... والخاصة... والحزبية... ولا أظن أحداً من المشاركين فى صياغة المشروع قصد إلى إحداث هذه الفرقة... سواء من الإعلاميين... أو الصحفيين... أو حتى أساتذة القانون وفقهائه... وإلا تجاوز الأمر حدود الخطأ إلى أشياء أخرى... واستوجب الموضوع أكثر من المناقشة.
ومع الاعتراف بالمشاركة فى جلسات ما قبل الصياغة... فلم أسمع بعقد جلسة واحدة مع ما يحلو للبعض تسميته الجماعة الصحفية... ولا مع الجماعة الإعلامية بعد إعداد المشروع... وصياغته حتى المبدئية منها... ومن غير المقبول أن تكون جلسات الاستماع الأولى بديلا لجلسات الحوار حول مخرجات لجنة الخمسين... ولا يمكن أن تكون مغنياً عنها خاصة ونحن نسلم بسلامة نية الأعضاء.
وحتى نكون منصفين فإننا لا ننكر أن المشروع جاء بنصوص نطلبها... ويحتاج إليها العمل الإعلامى... الصحفى منها... والمسموع... والمرئى... وكلها مواد خاصة بالتمكين من الأداء الجيد... وتوفير المعلومات وغيرها من القضايا المهنية... كما يحوى المشروع كثيرا من نقاط المساواة معظمها يفرض على الإعلامى الواجبات والقواعد الواجب الالتزام بها... لكنه أفرد نصوصاً للصحفيين فى المؤسسات القومية ميزات وحقوقا حرم منها زملاءهم فى المؤسسات الحزبية والمستقلة.
لقد زاد هذا المشروع من جبهات القتال المفروضة على العاملين فى الصحف الحزبية والمستقلة... كما فرض على الحكومة... وعلى رئيس الدولة شخصيا أن يطفئ ناراً قبل أن تشتعل فى بيت الإعلام... وفى ظرف لن تحتمل مصر فيه ثورة جديدة ضد التمييز الذى رفضناه فى التعامل... ولن نقبله نحن فى القانون.