قد يجعل وزير السياحة، خالد رامي، آذناً من طين، وأخري من عجين.. ولكن هذا لن يمنع الناس أن يتحدثوا عن جريمته في حق السياحة. وربما يعتقد أن عدم سماعه لهذه الشكوي، وهي تخص أهم صناعة في مصر الآن، قد ينهي الشكوي.. وأهو «شكوي تفوت ولا حد يموت» ولكن ستظل الحقيقة ناصعة وهي أنه لا يغلق فقط آلاف فرص العمل.. ولكنه يغلق ولسنوات عديدة أي فرصة لتطوير هذه الصناعة.. وتحويلها من حرفة وعلم وصناعة لها أصول وقواعد إلي عالم في الفهلوة. ولا يدري أنه يرتكب الجريمة الكبري..
<< ذلك أننا يجب أن نستغل الركود الحالي لوضع أسس سليمة لنهضة قوية لعالم السياحة، تقوم علي العلم.. بحيث- عندما تزول الغمة التي تظلل السياحة الآن- نكون قد أعددنا العدة كاملة للانطلاق إلي عالم من السياحة الحقيقية.. وإذا كانت السياحة المصرية قد حفظت أسماء العظماء الذين صنعوا هذه السياحة في مصر منذ منتصف الخمسينيات فإنها لن تنسي أبداً من قتل هذه السياحة الآن. ومن يعمل علي ألا تنطلق أبداً إلي عالم جديد نحلم فيه برقم 20 مليون سائح يفدون إلي مصر، كنقطة بداية تجعلنا ننافس دولاً نالت حظها الأوفر من هذه السياحة، في مقدمتها فرنسا وإسبانيا وتايلاند.. ودول شرق أوروبا بسبب رخص أسعارها وتوفر «المشهيات» التي يتطلع إليها السياح الآن..
<< ولكن- كما كتبت أمس- فإن أصابع الاتهام تتجه مباشرة إلي وزير السياحة السيد خالد رامي الذي قتل أول محاولة جادة لتطوير السياحة وتحويلها من الفهلوة إلي علم متكامل يقوم علي التدريب واعداد كل من يعمل بها بداية من سائقي سيارات السياحة إلي الطهاة.. وحتي خدمة الغرف..
فقد أصدر الوزير قراراً بوقف الدعم المادي لبرامج التدريب الذي كانت تحصل عليها هذه البرامج من صندوق السياحة. رغم أن هذه البرامج أخرجت لنا 20 ألف متدرب معتمد من أمريكا في هذه البرامج المتقدمة.
<< وكانت الوزارة قد التزمت- خلال السنوات الماضية- بتوفير الدعم المالي للأنشطة التدريبية من صندوق السياحة الذي أنشأه أبرز أقطاب السياحة المصرية وهو فؤاد سلطان. ولكن فوجئ القطاع بإيقاف الدعم المالي المقرر لأنشطة التدريب والخاص بمرتبات المدربين والعاملين، بل ومصروفات العملية التدريبية مما أدي إلي إيقاف جميع برامج تنمية مهارات العاملين بالقطاع السياحي وهم منتشرون في 12 محافظة سياحية. وكذلك إيقاف العمل بمركز الطهاة ومنح الطلبة «180 طالباً» إجازة مفتوحة لعدم تحويل الدعم المقرر من الوزارة.. ونتج عن ذلك أن المدربين والعاملين لم يتقاضوا مرتباتهم لمدة شهرين.
<< والمؤلم هنا أن الوزير رفض مقابلة أي فرد أو مسئول من الاتحاد، كما رفض كذلك مقابلة حسين بدران دينامو السياحة الشهير وعلي مدي عشرات السنين.. بل أيضا رفض أن يدعو لعقد أي اجتماع أو يوضح رؤيته، أو لماذا يقوم الآن بهدم هذه المنظومة الرائدة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها صناعة السياحة.
وللعلم فإن رئيس مجلس الوزراء سبق أن زار المركز المصري للقيادة الآمنة وأبدي إعجابه الشديد بالمركز وأمر بتوجيه كل الدعم له، ووعد بزيارة مركز فنون الطهي. نقول ذلك ونحن نعرف مدي أهمية تدريب سائقي سيارات السياحة.. علي سمعة هذه الصناعة في مصر كلها..
<< وهنا نقول إن الجهاز المركزي للمحاسبات- هذا العام- قد قام بمراجعة شاملة لكافة ميزانيات ومصروفات الاتحاد في مجال التدريب ولم يجد أي مخالفات.
وهنا يأتي السؤال: إذا كان الوزير يرغب في تخفيض المصروفات الإدارية، فهذا من حقه. ولكن لماذا يوقف التدريب ونمنح الطلبة إجازة مفتوحة.. ولماذا لا يتم صرف مرتبات المدربين لمدة شهرين، وهم الآن.. في الشارع؟!
<< وإذا كانت الحكومة- وكان رئيسها المهندس إبراهيم محلب- تهتم بالتدريب حتي إنها خصصت وزيراً ووزارة للتدريب في قطاع التربية والتعليم وهو قطاع «يأخذ».. فكيف نسمح بقتل التدريب في قطاع سوف «يعطي» المليارات ليس فقط للدولة.. بل لملايين العاملين في السياحة، التي هي من أهم قطاعات الإنتاج والعطاء.. في مصر.
<< حقاً هناك خلل رهيب في منظومة العمل العام. هناك بالفعل من يزرع الألغام في طريق نهضة هذا البلد.. وهؤلاء فقط ليسوا من الإرهابيين.. ولكن ممن لا يقدرون قيمة العمل الجاد للنهوض بالوطن.. حتي ولو كانوا بدرجة وزير..
<< وسوف يتجاوز قطاع السياحة هذه الجريمة، بعد أن يتدخل رئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، وهو رجل يؤمن بالتدريب والاعداد.. ولكن هذا هو قدر هذا الرجل الذي يعجز بعض معاونيه عن فهم أسلوبه في العمل.. بل ويحطمون طموحاته للنهوض بمصر.
ونحن علي ثقة بأن رئيس الحكومة سيتدخل سريعاً.. وينقذ هذا المشروع الرائد لتطوير صناعة السياحة.. حتي نكون جاهزين للانطلاق، عندما تنزاح غمة الإرهاب..
<< وقديماً قال الحكماء: اللهم احمني من أصدقائي.. أما أعدائي فأنا كفيل بهم.. حتي ولو كان من هؤلاء الأصدقاء من يعمل، أو يحمل رتبة.. وزير..
حقاً ابحثوا عمن يقتل صناعة السياحة فهي الأمل الواعد.