المساء
يسرى حسان
وزير التربية والتعليم السريالي
أحدثك من موقع الأب الذي له أولاد في مراحل التعليم المختلفة. خمسة في عين العدو. لن أشكو لك همومي. فسعادتك لست شئونا اجتماعية. ثم إننا. أكيد جدا. في الهم سواء.
أقول لحضرتك إن ما سمعته عن نية الدكتور المبجل وزير التربية والتعليم تخصيص نسبة 10% للسلوكيات. ومثلها للمهارات لطلاب الثانوية العامة. وكذلك تحصيل ألف جنيه من كل طالب استنفد مرات الغياب لإعادة قيده. وأن ذلك كله لإجبار الطلاب علي الحضور. مجرد أفكار سريالية لوزير سريالي لا يمكن أن يفكر فيها أكثر الناس عداوة لهذا البلد.
وسمعت أيضا ان الوزارة. قال ايه. ستحارب الدروس الخصوصية بجعلها داخل المدارس. ويحصل المدرس علي 80% من عائدها. والوزارة تحصل علي الباقي.. نفع واستنفع يعني.. ونترحم من مطالب المدرسين بزيادة رواتبهم.
تشابكت الخطوط إذن "وبانت لبتها" واتضح أن الرجل الذي من كوكب آخر. كوكب يكره حاجة اسمها مصر. ليس لديه من الأفكار والرؤي والخبرات والمواهب ما يؤهله لإحداث نهضة تعليمية لن تقوم لنا قائمة بدونها. فراح يفتكس وخلاص لأنه ببساطة لم يجد من يردعه أو يحاسبه علي تلك الأفكار الشريرة ويقول له وقف عندك.
هذا الوزير الذي يخاصم الخيال في كل تصرفاته وقراراته. مجرد مروج ومؤيد وممارس لأفكار بالية تحدث عنها الفيلسوف الأمريكي برتراند راسل الذي ذكرت لك من قبل مقولته "إن التعليم بأسلوب تسوده القسوة والخوف أمر سييء". ولكن لا يوجد طراز آخر من التعليم من الممكن أن يقدمه هؤلاء الذين هم عبيد لهذه العواطف.
إجبار الطلاب علي الحضور. ووضع مصائرهم بين أيدي المدرسين. هذا ما يريده الوزير المفكر. اتباع أسلوب القسوة والخوف. ليس لديه سوي ذلك. وليدفع أولياء الأمور دم قلبهم من أجل تعليم أولادهم في بلد يقول دستورها إن التعليم المجاني حق لكل مواطن.
سيضطر الطلاب إلي الحضور وتلقي الدروس الخصوصية من مدرس الفصل اتقاء لشره. وسيضطر أغلبهم إلي الجمع بين الدرس الخصوصي في المدرسة والدرس الخصوصي في السنتر لدي الكينج فلان أو الامبراطور علان.
ما يفعله الوزير تهريج لم تشهده مصر في تاريخها. والرجل معذور فهو غير مؤهل لتولي منصب خطير كهذا.. قل لي حضرتك مَن من الوزراء تبعنا مؤهل أصلا للمنصب الذي يتولاه؟
المسألة حلها في غاية البساطة. ويعرفه الجميع. لكن أحدا لا يجرؤ علي التنفيذ. لأن التنفيذ معناه ضرب مصالح ناس كبار جدا.. سيحضر الطلاب برغبتهم إلي المدارس عندما تكون المدرسة محلا للسعادة. فيها من الأنشطة والفعاليات ما يجعل الطالب يبكي إذا حالت ظروفه دون الذهاب إليها كما يحدث في الدول المحترمة. ستختفي الدروس الخصوصية عندما تتغير المناهج وتتطور وتتغير طريقة الامتحانات البالية التي تعتمد علي التلقين والحفظ. وستكون العملية التعليمية أكثر بهجة عندما تختفي القسوة والإرهاب وعندما ترتاح نفسية الطالب والمدرس. الطالب عندما يجد مناهج لطيفة تتناسب مع ميوله واتجاهاته. والمدرس عندما يجد راتبا يغنيه عن إرهاب الطالب وإجباره علي الدرس الخصوصي.
كلما سمعت تصريحا لوزير التربية والتعليم أيقنت اننا بلد في الطراوة خالص.. ويبدو اننا عاشقون للطراوة خاصة في مثل هذه الأيام الولعة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف