هل أعلن حزب الحرية والعدالة أنه حزب ديني لننتظر أن تعلن أحزاب أخري قادمة من تحت عباءته ولها نفس اتجاهاته، عن هويتها الحقيقية، والأهداف التي تسعي إليها من خلال العمل الحزبي والسياسي؟ وهل يصلح لتمثيل الوطن من لا يعترف بفكرة الوطن، وبالرموز التي ترمز لهذا الوطن، ناهيك عن بقية الأفكار التي تمتلئ بها تصريحاتهم وخطاباتهم، وفي كتب من لهم كتب!! هل نستطيع أن نحتمل كوارث وعواقب تكرار تسلل الجماعة وصعودها إلي الحكم من خلال ادعاءات وأكاذيب وأقنعة سقطت كلها فور اقتناص الحكم.. وللأسف أن الدستور لم يحدد ماهية الأحزاب الدينية الممنوعة من المشاركة السياسية، ربما تركها إلي المجلس النيابي.. لكن أي مجلس نيابي سيكون في ظلال المباح والمتاح بكل ما يحمله من نذر وإنذارات؟! هل السبيل الوحيد المتاح الآن هو الاحتكام إلي الأفكار المعلنة؟ يملك سدنة القانون الذين يدركون حجم الخطر القادم إجابات قانونية أفضل مني، وعلي الذين يخشون من تقسيم وحدة الصف المصري ـ كما يقال ـ باستبعاد الأحزاب الدينية أن يخشوا الأخطر المنتظر بعد تشكيل برلمان للثورة يسيطر عليه النظامان اللذان أسقطتهما الثورة في 25 يناير و30/6!!
سؤال أتمني العثور علي إجابة له: لماذا لم يستطيعوا تكوين هذه الأحزاب في عهد الرئيس مبارك، وظلوا خبيئة سوداء تحت سيطرة أجهزة أمنه، من المسئول عن تضليل أجيال تتنامي وتتزايد أعدادها ترفض تحية العلم وترديد النشيد الوطني، ويعلم الله بقية ما داخل رءوسهم من أفكار أو ولاءات وحب هذا الوطن.. في تقرير مهم قامت بتسليمه النيابة الإدارية للرئاسة، رصدت مجموعة من نماذج الفساد بقطاع التعليم.. وما يهمني الإشارة إليه هنا رصد تنامي وانتشار التحريض علي عدم احترام السلام الجمهوري، أو القانون، ونشر الأفكار الخاصة بهذه الجماعات، ومناهضة توجهات الدولة، والتشكيك فيها بأساليب يصاحبها دائما الإكراه المادي والمعنوي للطلبة!!
هل ننتظر حتي يحصلوا لهذا الفكر والتضليل والمناهضة والصراع مع الاستقرار والبناء، علي الشرعية في المجلس النيابي؟!! نقطة مهمة أخري لفتتني فيما نشر حول التقرير ونماذج الفساد في التعليم، ففي مواجهة هذه التوجهات الدينية الخافية والمعلنة كيف نفسر ما جاء في التقرير عن تزايد الانحرافات والسرقات وجرائم التحرش والانتهاك الجسدي بالطالبات؟! أين الإصلاح القيمي، والترشيد التربوي والأخلاقي إن كنتم تحملون رسائل إصلاح حقيقية؟!! هل نستسلم مرة أخري لدخول نفق مظلم جديد مثل النفق المظلم الذي لم نخرج منه بعد كارثة عام حكم الجماعة رغم اضطراد النجاح علي جبهتي البناء والتنمية، ودحر الإرهاب، فلم يتبق لهم إلا ضربات يائسة طائشة، إن لم توضع الضوابط القانونية التي تمنع تكرار الكارثة، هل تحتمل مصر أن تواجه نسخة أسوأ استفادت وتعلمت من دروس إسقاط حكم الجماعة.. نعم هناك إرادة ملايين من المصريين ترفض الإرهاب والتدمير والترويع، وما أهدر ومازال من دماء باسم الدين، واكتشفت الكثير مما لم تكن تعرف عنهم وما يصعب علي الطبيعة المصرية تصديقه أن يكون منهم من يمتلئ بما شاهدوا وتعذبوا به من غدر وكراهية، واستعداد لتدمير مصر ثمنا لما ضيعوه بأيديهم، وارتكبوه وخططوا لارتكابه بحق هذا الوطن.. نعم صدور المصريين تغلي وتمتلئ بالغضب، والناخب عليه مهمة بالغة الخطورة في غربلة وحسن اختيار المرشحين الأمناء عليه، والذين لا ينتمون إلي من قدم حياة ودماء أغلي أبنائه ليتخلص منهم، سواء في 25 يناير أو في 30/6، ولكن هل نستطيع أن ننكر تأثير وسلبيات عشرات السنين من التجريف الثقافي والاقتصادي والاجتماعي للملايين؟ هل نأمن لسوء استغلال الطبيعة الإيمانية التي لم تنقذها ثورة فكرية ودينية؟! وهل يستطيعون الإفلات من العصبيات والتحكمات العائلية، ومن سطوة المال الانتخابي، وكيف يفرقون بين من يتحدثون بصدق وأمانة، ومن يتحدثون من وراء أقنعة؟! كيف يفرقون بين نائب محترم يريد مقعدا في المجلس النيابي ليؤدي دورا ورسالة، والقادمين ليستعيدوا ما ضاع من جماعة من جماعاتهم.. ليتهم بصحيح الدين يؤمنون ويتحدثون، وليتهم بحب حقيقي وإخلاص لهذا الوطن يؤمنون.
> بالطبع نريد اليوم قبل غد استكمال خريطة الطريق التي أعلنت في 3/7، وتشكيل مجلس نيابي يمثل الثورة ومبادئها، ويحقق أهدافها، ويواصل المهمات التشريعية والرقابية الداعمة لبناء مصر جديدة، والحرب علي الإرهاب والفساد، وتضميد آلام وجراح المصريين مما أنزل بهم عشرات السنين، ويحقق استحقاقاتهم في العدالة الاجتماعية، أخشي أن يكون هذا المجلس النيابي أملا وتطلعا بعيد المنال علي أيدي الورثة القادمين.
> أحترم الرؤي والطموحات، وآفاق النمو والتنمية التي يتطلع إليها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويري أن هذا الوطن العظيم يستحقها، ويملك إمكانات تحقيقها من خلال العلم الأمين، والتخطيط والخبراء والمتخصصين، ليوفر أكبر ضمانات السلامة والنجاح للمشروعات القومية التي عرض الكثير منها في الندوة التثقيفية التي تعقدها القوات المسلحة، والتي أرجو أن يكون موضوعها القادم حول العاصمة الإدارية، وأرجو أن تحرص الندوة علي دعوة العلماء والخبراء من أصحاب الرؤي التي تختلف، أو تطرح ما تراه من محاذير وتخوفات، أو تقدم مقترحات علمية مهمة تحصن مشروعا مستقبليا بهذه الضخامة وبأرقام التكلفة المطروحة من عثرات أو عقبات، ولتوفير التوازن بين احتياجات وحل مشكلات العاصمة التاريخية العظيمة (القاهرة) بكل ما تمثله من قيمة وتراث حضاري وإنساني، ولتكون العاصمة الإدارية إضافة مؤثرة بقوة في حل بعض مشكلات القاهرة الرائعة، رغم كل ما أصابها من أمراض، في مقدمتها الفوضي والإهمال، وانعدام التخطيط، وانتشار العشوائيات، وافتقاد الخدمات والبنية الأساسية في كثير من أحيائها، ومنها ما يقع في قلبها ووسطها.
أحدث الصرخات والنداءات جاءتني من مساكن إيواء الدويقة منطقة سعد المصري، يخرجون إلي الطريق والمناطق المحيطة ليملأوا المياه!! يحدث هذا منذ ثلاثين عاما، كما يقول واحد من سكان المنطقة (سيد محمد عبدربه) بينما بين أيديهم عقود مع الحكومة منذ ثلاثين عاما علي إقامة مؤقتة بالإيواء لا تتجاوز ستة أشهر!! نموذج واحد من ملايين النماذج التي يئن تحتها سكان العاصمة التاريخية العظيمة!! وأعود إلي العاصمة الإدارية، والقامات والخبرات العلمية الكبيرة التي أرجو الإنصات إلي ما لديهم من رؤي ودراسات، وفي مقدمتهم أ.د. علي رضوان العالم الجليل، وعميد أساتذة الحضارة والمصريات، وأ.د. سامح العلايلي، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، وقد قرأت لأستاذ العمران والتخطيط الكبير أكثر من دراسة متكاملة عن تنمية سيناء، وعن العمران والأرض وقوت المصريين، وعن العاصمة الإدارية، يقول د. العلايلي: إن الإعلان عن مشروع العاصمة الجديدة خلال المؤتمر الاقتصادي جاء مفاجأة صادمة لعدم الإشارة إليه مسبقا في أي مناسبة أو خطة حكومية، بل علي العكس من ذلك فإن جميع مخططات العاصمة السابقة انتهت إلي ضرورة الحفاظ علي القيمة الكبري لمدينة القاهرة العريقة، والارتقاء بجودة حياتها، ولا بأس من دراسة إمكان إقامة مركز للأعمال خارج العاصمة، وليكن في منطقة تقع بين العاصمة السياسية القاهرة، وإقليم قناة السويس، وبحجم ذي جدوي اقتصادية واجتماعية.
> لا يتسع ما تبقي للمقال أن أقدم للقارئ الكثير المهم الذي جاء في رؤية د. العلايلي، التي أرجو أن تكون مع عديد من الرؤي والدراسات العلمية محل اهتمام كجزء من توسيع دوائر الاستفادة من ثروات العقول المصرية، وعدم اقتصار الأمر علي دوائر محددة، بينما تفيض مصر بما تمتلك من علم وعلماء وخبراء كان من أهم أسباب التخلف في جميع مجالات حياتنا إهمال، وعدم احترام ثمار عقولهم.