احمد المنزلاوى
بعد التحية .. صــــــــوت الخـــــــــــــلود
اجتمع حوله العلماء والبسطاء. والأغنياء والفقراء. وحمل عن جدارة واستحقاق لقب "قيثارة السماء". وعندما نعاه الإذاعي الكبير غلبه البكاء.
جمع صوته بين الجمال والجلال وعبر بنبراته عن معاني الحرام والحلال. وكان في استقامته مضرب الأمثال كتاب جديد صدر عن سيرته. يروي رحلة حياته ومسيرته. عنوانه "صوت الخلود: الأستاذ الشيخ محمد رفعت" من تأليف صفوت عكاشة وإنتاج مطابع الجمهورية.
يصادف ظهور الكتاب ذكري مرور 65 عاما علي وفاته و133 عاما علي ميلاده ولايزال ذكره موصولا من جيل إلي جيل.
واسم محمد رفعت مركب. محمد رفعت محمود رفعت.. من مواليد حي المغربلين بالدرب الأحمر- القاهرة.
يوم الاثنين 9 مايو 1950 وأول جمعة قرأ فيها السورة كانت في شهر مايو 1897 وافتتح إرسال الإذاعة المصرية في 31 مايو .1934
كف بصره بعد عامين من ميلاده. والده ضابط شرطة "مأمور قسم الخليفة" وهب طفله الصغير للقرآن الكريم وألحقه بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز وحفظ كتاب الله علي يد الشيخ عبدالفتاح هنيدي قبل العاشرة قرأ آيات الذكر الحكيم في نفس المسجد وفاء له واعترافا بفضله عليه. وامتدت شهرة المسجد في الآفاق ونافس مساجد القاهرة الكبري في الجماهير التي تحتشد لسماع صوت الشيخ الشاب محمد رفعت.
توفي والده وهو علي اعتاب الشباب فتحمل مسئولية أسرته المكونة من والدته وأخيه محرم.. وخالته وكان يقدم كل ما يحصل عليه من مال لخالته.. حتي تشعر بمكانتها في المنزل ويحافظ علي مشاعرها عرضت عليه محطات الإذاعة الأهلية قراءة القرآن بأجر لكنه رفض لأن الأغاني التي تذيعها لا تتناسب مع جلال القرآن الكريم.
عرضت عليه بعض الدول والجاليات الإسلامية الآسيوية مبالغ طائلة لإحياء ليالي شهر رمضان لكنه رفض فالمال كما قال كان آخر شيء يفكر فيه بل كان يتمني أن يأتي اليوم الذي يقرأ فيه القرآن بغير أجر لوجه الله.
ارتبط الشيخ محمد رفعت بشهر رمضان سواء بقراءة القرآن أو رفع الأذان وأيضا بسائر أيام وشهور العام.
تابعت الملايين علي امتداد الساحة المصرية والعربية والإسلامية تلاوة الشيخ محمد رفعت بصوته الجميل الذي يأسر القلوب والعقول والأفئدة.
افتتح الشيخ رفعت إرسال الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية بآيات من سورة الفتح. بعد أن استفتي هيئة كبار العلماء والأزهر الشريف.
كان الشيخ محمد رفعت مثالا في التواضع والاستقامة والقناعة وحسن الخلق.. طلب من مذيعي الإذاعة أن يقدموه بلقب الشيخ فقط بدلا من إمام القراء وقيثارة السماء والأستاذ الشيخ وغيرها من الألقاب التي أطلقت عليه.
جاء ضابط بريطاني طيار من كندا إلي مصر وتوجه مع الإذاعي الكبير علي خليل لمقابلته وأسلم الضابط بعد لقائه.
أوصاه صديق له علي ابنته الصغيرة بعد وفاته.. وعندما قرأ سورة الضحي بكي الشيخ عندما تذكر الوصية.
وقرأ ذات مرة القرآن الكريم في فرح فتاة فقيرة.
قيل إن الشيخ رفعت أصابته عين الحسود صغيرا وكبيرا رأته امرأة يمشي مع أبيه فقالت: "ابن ملوك بشهادة عيونه الجميلة الزرقاء" وفي الصباح ضاع بصره وفي كبره أصابه مرض خطير في حنجرته منعه من قراءة القرآن الكريم.
درس الفقه والتفسير والقراءات وأيضا الموسيقي الشرقية والغربية وعزف علي العود واحتفظ بتسجيلات بيتهوفن وموتسارت وفاجنر.
انجب الشيخ أربعة أولاد وبنتا واحدة محمود ومحمد وأحمد وحسين وبهية وورث ابنه الثالث جمال الصوت عن أبيه.. تقدم الإذاعي الكبير عبدالوهاب يوسف لإذاعة وفاة الشيخ محمد رفعت فغلبه البكاء فأسرع المخرج الكبير أنور المسيري يكمل الخبر وقال: "أيها المسلمون فقدنا اليوم أعظم صوت رتل القرآن الكريم رحم الله قيثارة السماء وأسكنه فسيح جناته".. آمين.