سليمان شفيق
القوى السياسية والدينية فى «بيت طاعة البيزنس »
>> الشيخة موزة أهدت أحمد منصور سيارة «لامبورجينى».. وساعات روليكس مرصعة بالماس لـ«الزمر» و«عبد الماجد»
>> تدشين بورصة لتداول «الأوراق السياسية» تبدأ بتسويق «المصالحة» مع الإرهاب وصولًا للبرلمان!
كان الله فى عون الرئيس عبد الفتاح السيسى، يودع أعز الأحباب، والدته، أسكنها الله فسيح جناته، ويفتتح القناة الجديدة، ويسعى لتنمية الوطن، فى الوقت الذى تم فيه خصخصة السياسة، وذهبت طوعًا الأحزاب والقوى السياسية والدينية إلى بيت طاعة «البيزنس»، فى السابق كنا نتحدث عن «سيطرة رأس المال على الحكم»، ولكننا الآن نتحدث عن «بزنسة السياسة»، وباتت وجهات النظر السياسية مرتبطة بـ «سعر الصرف»، وانتقلنا «الرأسمالية العائلية» فى عصر السادات، إلى تزاوج رأس المال مع الحكم عبر لجنة سياسات جمال مبارك وأحمد عز، إلى تديين السياسة والبيزنس على يد رجال أعمال مكتب الإرشاد خيرت الشاطر وحسن مالك، وصولًا إلى توظيف السياسيين (من مناضل سياسى إلى ناشط سياسى إلى موظف «سمسار» سياسى عند رجل البيزنس)، وتحول الحزب من «طليعة طبقة أو فكرة» إلى ذراع سياسية لقوى اقتصادية.. ومن ثم ضاعت الرؤية وسادت المصالح وارتفعت نبرة «المصالح تتصالح»، ومنذ أيام مثلًا طالعتنا وسائل الإعلام بتصريح لخالد العطية وزير خارجية قطر فى مقابلة مع قناة التليفزيون العربى حينما قال: إن العلاقة مع مصر طبيعية، ولكن هناك اختلافًا فى وجهات النظر، بسبب وجود خلاف سياسى مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسى.. بسبب إقصاء مكون سياسى أساسى فى البلاد يقصد الإخوان، وأضاف: «لانستطيع أن نقاطع الإخوان ولا أن نعتبرهم إرهابيين».
ارتبط ذلك باحتفال نظمته الأسبوع قبل الماضى الأسرة المالكة القطرية فى فندق فورسيزون الدوحة.. لقيادات التنظيم الدولى، وفى مقدمتهم الملياردير المعروف إبراهيم منير، وعدد من قيادات الإخوان الهاربين فى تركيا مثل جمال حشمت ومحمود حسين والقيادى الحمساوى موسى أبو مرزوق.
الطريف أن الاحتفال شهد مبادرة من الإرهابى طارق الزمر.. أكد فيها على أنه يوجهه للشعب المصرى لا للنظام !!
بعدها أهدت الشيخة موزة سيارة (لامبرجينى) للمذيع بالجزيرة احمد منصور، واهدى ابراهيم منير ساعات (روليكس) مرصعة بالماس للارهابيين طارق الزمر وعاصم عبد الماجد.
على إثر ذلك جاء الرد سريعًا من وزارة الخارجية المصرية عبر المتحدث الرسمى للوزارة المستشار أحمد أبو زيد أكد فيه رفض مصر لكل أشكال التدخل الخارجى فى شئونها الداخلية، معتبرًا مطالبات قطر للمصالحة مع الإخوان غير مقبولة، وأضاف بأن جموع الشعب المصرى بأن تنظيم الإخوان تنظيم إرهابى وليس هناك مجال للتفاوض، لذلك فإن تصريحات وزير الخارجية القطرى غير مقبولة، وتفتئت على أحكام القضاء المصرى وقرارات الحكومة المصرية، وإقرار جموع الشعب المصرى بأن تنظيم الإخوان تنظيم إرهابى».
إلا أن المدهش والمثير للريبة ما صرح به فى حوار مع «المصرى اليوم» العالم الكبير ومؤسس مركز الكلى بالمنصورة د محمد غنيم مستشار الرئيس حيث قال: «المصالحة مع الإخوان قادمة.. وعودتهم للمشهد تتطلب وقف العنف والاعتذار للشعب»، وأكد: «أتوقع صدور عفو رئاسى حال تأييد أحكام الإعدام ضد مرسى وقيادات الجماعة».
تصريحات العالم الجليل جاءت فى زفة طرح فيها أيضا الشيخ حسان بمبادرة سلفية، تلاها مبادرة من الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار الذى شدد خلال مقابلة تليفزيونية رمضانية على ضرورة المصالحة مع الإخوان على المدى البعيد واعتبرهم «فصيلًا سياسيًا وطنيًا».
ترى إلى أين تقودنا الأيام المقبلة ؟ كثيرون من السياسيين فى أحزاب مختلفة يدينون الإرهاب ويدعون «للمصالحة»، لا نشكك فى وطنية أحد، ولكن لمصلحة من نجد ثلاثة (حسان الإسلامى وغنيم اليسارى والغزالى الليبرالى) يعتبرون أن قضية المصالحة واجبة وأن المسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل !!
الغريب أن المهزوم هو الذى يلح على التفاوض والمصالحة.. لكن فى حالتنا المنتصر هو الذى يلح.. حتى فى المجالس العرفية «لامصالحة فى الدم»، وإذا ربطنا الانتخابات البرلمانية المقبلة بتلك الدعاوى نجد أن الأمر يدعو للارتبا ك حيث إن إلحاح الشيخ حسان على المصالحة يكشف سعى السلفيين للحصول على أصوات قواعد الإخوان.. كما أن الدكتور محمد غنيم كان الراعى الرسمى لليسار فى (كتلة الثورة مستمرة) عام 2012 بالانتخابات البرلمانية التى أخذت حينذاك بعض أصوات الإخوان يعكس رغبة قطاعات من اليسار للتقرب من الإخوان، ولا ننسى موقف الاشتراكيين الثوريين الموالى للإخوان لكن الذى يدعو للحيرة هو موقف د أسامة الغزالى حرب لأن حزبه وقياداته خاصة المهندس نجيب ساويرس ضد الإخوان ؟!!
أم أن هناك قطاعًا من الليبراليين أيّا كان موقعهم الحزبى أقرب إلى رؤية البرادعى من الإخوان ؟
لا أخفى عليكم أن هناك تيارات داخل كل المؤسسات تميل للتقرب من الإخوان (6 إبريل، الاشتراكيين الثوريين، الأولتراس، البرادعية، عاصرى الليمون إلخ) وهؤلاء جميعا يذكرونى «بسذاجة» اليسار والليبراليين فى إيران بعد الثورة الخومينية (مجاهدى خلق وفدائيو خلق الحزب الشيوعى «تودة» إلخ) وكيف ارتبطوا بالثورة دون تحليل طبقى أو سياسى فانتهوا بالقتل أو التشرد، لذلك لابد من الانتباه والحذر والحيطة من المصالحة إلى البرلمان:
- كما رأينا أن الداعين للمصالحة (يسار وليبراليين وإسلاميين ) نفس المنهج ارتبط باختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة (كما سبق نشرة 82 فى المائة من المرشحين فى مختلف الأحزاب (الليبرالية واليسارية والاسلامية أعضاء سابقين فى الحزب الوطنى) مع احترامنا للأحزاب ولغير الفاسدين من الوطنى «المنحل» إلا أن القضية هى أن الذى جمع «الشامى على المغربى» هو البيزنس وانعدام الرؤية وموت السياسة على سبيل المثال.. وكلما وصلنا لاتفاق أو بوادر اتفاق يخرج علينا من يطعن بعدم الدستورية، أو بمؤتمر صحفى «عالمى» ليعلن بة قائمة «وهمية» أو ظهور مفاجئ لشخصية مالية قادمة من المهجر لإعداد قائمة.. مصطحبًا بضع شخصيات من رجال الدولة السابقين، لواءات، سفراء إلخ، وملوحًا بقدرات مالية !!
هذه الجهود الحثيثة من المال الخارجى لا تعمل لوجه الله أو الوطن بل لشق الصف الوطنى.. الأمر الذى لن يستفيد منه سوى قوائم الإسلاميين.. خاصة فى الصعيد !! أو أن تجد الرئيس السيسى يحاول جاهدًا المصالحة بين فرقاء حزب الوفد، على عكس ما كان النظام المباركى يفعل، فنجد من يسعى لتعميق الفجوة بين الفرقاء، ويندفع البعض من سماسرة الانتخابات لاستقطاب مرشحى الحزب.. مما سبق يمكن أن نتحدث عن «موت السياسة» وانفتاح بورصة لتداول المقدرات الانتخابية الأمر الذى يشرعن ويقنن التربح السياسى، كل ذلك يؤدى إلى خلل فى مكونات الوطن الذى يجب أن يتكون من مثلث متساوى الأضلاع (الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى) الذى يحدث الآن هو توغل القطاع الخاص على الضلعين السابقين الذى صار إلى أقرب لـ «شبه منحرف»، كذلك فإن البرلمان المقبل سوف يشهد هيمنة البيزنس على مقدرات السلطة التشريعية.. الأمر الذى سيحدث خللًا بين السلطات الثلاث للنظام السياسى (السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية)، ربى لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه.