الأخبار
نبيل زكى
.. وأين حق الحياة؟
< «إذا كان الهدف إظهار قدرتنا.. علينا إلقاء القنبلة بعيدا عن العمران» هذا ما قاله العلماء.. ورفضه الرئيس الأمريكي.. <

كنت أتصور أن المتحدثين باسم الإدارة الأمريكية يشعرون بالخجل إذا تحدثوا عن «حقوق الإنسان»، فهم آخر من يحق لهم الادعاء بأنهم يناصرون هذه الحقوق، وأولها «حق الحياة».
ولذلك فإنه يحق لنا ـ بدورنا ـ قبل أن نودع شهر أغسطس أن نستعيد المأساة التي شهدها العالم يومي السادس والتاسع من هذا الشهر قبل سبعين عاماً بالضبط، وأعني بها قيام الولايات المتحدة بقتل عدد يتراوح بين ٢٠٠ ألف و٣٥٠ ألفا من المدنيين اليابانيين بمدينتي هيروشيما وناجازاكي بقنبلتين ذريتين، بعد أن قتلت في شهر مارس من نفس العام (١٩٤٥) مائة ألف من سكان طوكيو المدنيين أيضا بواسطة القنابل الحارقة.. وهكذا يقترب مجموع من أبادتهم أمريكا بدم بارد من نصف مليون كائن بشري، مات معظمهم في ثانية واحدة في هيروشيما وناجازاكي، ومات الباقون في الشهور الأربعة التالية لإلقاء القنبلتين، ثم تضاعف عدد الضحايا في سنوات لاحقة نتيجة الإصابة بالإشعاعات النووية القاتلة.
أغلب الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن، لم يكونوا جنوداً في معركة، ولا علاقة لهم بالقتال، ولم يتخذوا قراراً بشن أية حرب، ولم يشاركوا فيها، ومع ذلك لم تستيقظ ضمائر المسئولين الأمريكيين حتي الآن، لكي يعترفوا بأكبر جريمة شهدها التاريخ، ومازالت تؤرق ضمير الإنسانية كلها.
الأكاذيب التي قيلت في تبرير تلك الجريمة فاضحة، فقد زعموا أن إلقاء القنبلتين كان بديلا لغزو أمريكي بري يؤدي إلي إسقاط أعداد هائلة من الضحايا الأمريكيين. والحقيقة أنه لم يكن هناك أي مبرر عسكري لاستخدام القنابل الذرية. والدليل علي ذلك شهادة الجنرال دوايت أيزنهاور، القائد الأعلي للقوات المتحالفة في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية ورئيس الولايات المتحدة فيما بعد، فهو يقول: «عندما أبلغني وزير الحرب الأمريكي بأن واشنطن بصدد استخدام قنابل ذرية لضرب مدن يابانية، شعرت بالإحباط، وعبرت له عن شكوكي وهواجسي، لأنني كنت مقتنعا بأن اليابان منيت بالهزيمة بالفعل، وأن إلقاء هذه القنابل غير ضروري بالمرة بينما اليابان تسعي للاستسلام».
والحقيقة أن الأمريكيين أرادوا استخدام القنابل الذرية لمنع دخول القوات السوفيتية إلي اليابان بعد انتصارها علي اليابانيين في منشوريا، وكانوا يريدون ضمان السيطرة علي آسيا والإعلان عن الهيمنة علي عالم ما بعد الحرب، وتوجيه رسالة «الصدمة والرعب» للعالم، وخاصة الاتحاد السوفييتي.
وماذا عن الملايين من المدنيين الذين قتلهم الأمريكيون في حربي كوريا وفيتنام، وقبل ذلك في الفلبين، وبعد ذلك في العراق وأفغانستان وفي يوغوسلافيا...؟
وماذا عن إصرار الولايات المتحدة علي الاحتفاظ بتفوقها النووي واعتزامها إنفاق تريليون دولار خلال السنوات الثلاثين القادمة لتطوير ترسانتها النووية؟. وماذا عن الشكر الذي وجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لوزير الخارجية الأمريكي، لأنه استطاع عرقلة حملة تقودها مصر لحظر الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط من خلال مؤتمر للأمم المتحدة؟.
ألا يعني ذلك أن هناك من يشكل تهديدا لبقاء البشرية وليس فقط لحقوق الإنسان؟.
كلمة السر : عالم متعدد الأقطاب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف