الجمهورية
حميدة عبد المنعم
المصريون .. والتدين الفطري
عندما جاءت حملة نابليون إلي مصر ليس لغرض الغنائم والتفوق الحربي فقط ولكن لسبب أكبر وأعظم من ذلك وهو إطلاع نابليون علي مذكرات "لويس التاسع" بأن لتلك الأمة نهضة عظيمة علي يد علمائها ومفكريها ولوأد هذا يجب التخلص من هؤلاء وهذا ما ذكره "الجبرتي" في كتابه وهو يؤرخ لتاريخ المصريين. وأيضاً ذكره المفكر والكاتب "محمد شاكر" في كتاباته وهو ابن الشيخ "محمود شاكر" أحد علماء الأزهر في القرن ال 19. وأكد هذا عبدالقادر البغدادي في كتابه "خزانة الأدب" وأيضاً "المرتضي الزيدي" في القرن ال 18 واتفق الاثنان البغدادي والزيدي علي أن أساس النهضة في أي مكان تقوم في البداية علي "اللغة" التي كانت تتداول علي لسان شيوخها ومفكريها وليس العامة ولهذا ذكر الجبرتي أن نابليون كان يقوم بقتل خمس "5" ممن تتداول علي ألسانهم اللغة كما ينبغي وهما شيوخ الأزهر والمفكرين والعلماء وبذلك قضي علي حوالي 1500 عالم ومفكر وشيخ خلال عام وبذلك قضي علي بذور النهضة التي من أجلها جاء.. وقال نابليون كلمته المشهورة "هزمتهم ليس حينما أغرنا عليهم بأسلحتنا وإنما هزمتهم حين أنسيتهم هويتهم" ولكي تنشأ النهضة في أي أمة يجب أن تتوافر دعائم ثلاث هي: "اللغة والأخلاق وملكة التوثيق" وعندما ننظر إلي ما يحوم حولنا الآن من دمار وتشدد وإرهاب وعدم تقدم كما ينبغي يرجع هذا لأن المتطرفين الذين يعتقدون أنهم أفضل من بقية الشعب فكرياً ودينياً تغيب عنهم تلك المفاهم وتختلط عليهم أمور كثيرة فهناك فرق كبير بين أن يكون لديك معلومة وأن تكون عالما بتلك المعلومة ومتخصصاً فيها. وأيضاً فرق بين الدين علي يد علمائه وبين التدين الفطري الذي يلامس كل أطياف الشعب. وبين القطعي والظني في الأحكام الفقهية. فالتشدد الذي تعاني منه الأمة الآن يفتقد الثلاث: اللغة. التوثيق والأخلاق ويخلط بين الظني والتدين في مقابل العلم والقطعي والدين ولهذا نجد إرهاباً وتشدداً يجهل بحقائق الأمور ولا يعلم العاقبة إلا الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف