محمد العزاوى
مشروع المليون فدان ورجل الغابة!
في أواخر السبعينيات تعرضت بعض مقاطعات الهند للجفاف بسبب الحرارة الشديدة وزادت المساحات الصحراوية وهو ما أثار حفيظة شاب هندي بسيط رأي أمام عينيه زيادة في الرقعة الصحراوية فقرر بإرادة حديدية ان يتحدي الطبيعة ويزرع الارض الصحراوية الجرداء ويحقق حلمه.. قام بشراء قطعة ارض وقام في السنة الاولي بزرع بعض الحبوب وقطع مسافات كبيرة يوميا لاحضار المياه من القري المجاورة لري هذه الحبوب. وبعد مرور شهور فشلت كل محاولاته ووصفه كل من يراه بالجنون وان كل ما يفعله لن يغير الصحراء إلي أرض خضراء.. لم يستسلم هذا الشاب العنيد الذي امتلك إرادة فولاذية ورفض الاصغاء لكل هذه الاقاويل اليائسة.. واستمر في غرس البذور المختلفة وواظب يوميا علي جلب المياه من القري المجاورة وبعد مرور السنة الثانية لم تنبت أي بذرة من البذور التي كان يرويها وواصل الجيران سخريتهم منه ونصحوه بالتوقف وعمل شيء اخر يفيده لكن الشاب دافع عن حلمه بالعمل والعزيمة والإرادة التي لا تعرف اليأس وقام بإعادة غرس البذور ولكن بكميات اقل ومياه اكثر.
بعد فترة بدأ اللون الاخضر في الظهور بين ثنايا الارض الصفراء القاحلة وغمرت السعادة قلب الشاب الهندي الذي نجح في تحقيق حلمه رغم كل ما كان يتعرض له من صعاب وتحديات واستمر في تنمية وزراعة الارض ليستطيع خلال سنوات تحويل الارض القاحلة إلي غابات تتعدي مساحتها 82 هكتارا حوالي 195 فداناً وكل هذا بمفرده.. وأطلق عليه الناس لقب رجل الغابة واصبحت هذه المنطقة مزارا سياحيا في الهند وتحتوي علي مختلف الطيور والحيوانات.. واصبح هذا الرجل الهندي من اشهر الشخصيات هناك خاصة انه لم يقف عند هذا الحد بل استمر في زيادة الرقعة الخضراء وعندما سألوه عن تجربته كانت إجابته مفاجأة حيث قال إنه لم يكن يعلم أي شيء عن الزراعة ومعلوماته محدودة في هذا المجال لكنه امتلك الإرادة التي يسقط أمامها أي مستحيل وأن العمل المستمر والدؤوب زاد من خبرته وحقق حلمه.
تبادرت إلي ذهني هذه القصة عندما شاهدت المهندس إبراهيم محلب وهو يتفقد مشروع استصلاح المليون فدان الذي يعد بكل المقاييس مشروعا قوميا يساعد مصر علي تحقيق الاكتفاء الذاتي ويعيد إليها هويتها الزراعية التي عانت خلال سنوات طويلة من الإهمال وغياب الرؤية والتخطيط..
تحتاج مصر لهذه المشاريع القومية الكبيرة التي يجب ان تقوم علي رؤية واضحة وعزيمة قوية كما يحتاج الشباب ايضا إلي التحلي بالإرادة والصبر والعزيمة ليساهموا في زيادة قدرات وطنهم وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.
هذا المشروع الذي يعد مرحلة اولي ضمن مشروع استصلاح 4 ملايين فدان بتكلفة تصل لحوالي 55 مليار جنيه يزيد من معدلات التنمية في منطقة الصعيد التي عانت في الماضي من التهميش والإهمال.. وعلي الدولة ان تمضي في طريقها وتبني جسور الثقة بينها وبين شبابها بإعلان شروط وقواعد تطبق علي الجميع دون استثناء وتحديد ضوابط شفافة لتوزيع الاراضي والحرص علي تحقيق الهدف من هذا المشروع البناء.