دعوة «الثأر» التى انحرف إليها البعض لا تقل فى خطورتها عن أعمال العنف التى ترتكبها جماعة الإخوان لتقويض أركان الدولة المصرية. بالقطع نحن فى حالة حرب، شنتها علينا الجماعة، ودشنت قنواتها الفضائية ملامحها وأهدافها ضد وجودنا بوضوح شديد ودون لف ولا دوران، وخرجت تحرض على العنف بوقاحة مفرطة، وتُصدر بيانات تحذر الأجانب من الوجود على الأرض المصرية، وترسم خططا لإيقاع أكبر الخسائر بنا فى كل جوانب حياتنا، ناهيك بالعمليات الإرهابية بالسلاح فى سيناء والوادى.
لكن كل هذا لا يجب أن يجرجرنا إلى تشكيل تنظيمات مسلحة للثأر من الجماعة، فمثل هذه التنظيمات هو خروج سافر على القانون، وهدم متعمد لدولة القانون، وإعادة لنشر الفوضى والعنف فى مجتمعنا على نطاق واسع، وهو ما يريده الإخوان فعلا، فكلما تراجعت دولة القانون اكتسب الإخوان بيئة مثالية لأعمالهم، فالحرب تخوضها الدول بالجيوش والمؤسسات، لا بالأفراد والعصابات، وأى تنظيم مدنى مسلح هو مجرد عصابة، حتى لو كانت أغراضه نبيلة وهدفه الثأر للدماء العزيزة التى تسال كل يوم تقريبا، فهذه مهمة دولة، أما نحن المواطنين فلنا مهمة لا تقل أهمية عن حمل السلاح والقتال، وهى الحصار الاجتماعى لأعضاء الجماعة، حصارا حقيقيا فاعلا، فهم يخرجون فى مظاهرات فى القرى والمراكز فى المحافظات والأحياء، ويقفون أحيانًا طوابير على الطرق العامة والشوارع، إذن يوجد جناح فعال من الجماعة يمارس عملا مدنيا ضدنا، وردنا هو عمل مدنى أكثر فاعلية، يبدأ بمقاطعة الجماعة فى القرى والمراكز والأحياء الموجودين بها، ومراقبة ما يقومون به فى أعمالهم، وأن نضعهم دومًا تحت أعيننا، حتى نقلل من التصرفات غير القانونية، ثم تنظيم مظاهرات مناهضة لهم لكن بإذن من السلطات العامة، حتى نكشف مدى قلتهم وضآلة حجمهم.
هذا دور مهم، لكن الدور الأكثر أهمية هو حماية منشآتنا العامة من أعمال التخريب، وأتصور أن واضع القنبلتين البدائيتين فى صالة ٣ بمطار القاهرة هو من العاملين فى المطار، صحيح أن ثمة بعض الترهل أحيانًا فى إجراءات الأمن، وهى عادة مصرية، لكن إدخال قنبلتين من أجهزة الكشف عن المفرقعات والأسلحة مسألة معقدة جدا، وتحتاج إلى دراية كاملة بإجراءات الأمن فى المطار تتيح للفاعل أن يتحرك دون أن يثير الشكوك.. وأيضا واضع القنبلتين فى سيتى ستارز لا بد أن يكون من عمال المكان.
مثل هؤلاء يحتاجون منا، نحن العاملين فى كل مكان حيوى، إلى أن نفتح عيوننا جيدًا، أن نكتشفهم، وأن نبلغ عن جرائمهم، فليس معقولًا أن ندع الجماعة تحرق أوتوبيساتنا العامة وأبراج الضغط العالى القريبة من قرانا ومدننا، وتعطل طرقنا وتزرع قنابلها فى حياتنا، دون أن نقاطعها ونرصد تحركات هؤلاء ونعريهم.
وبالطبع نحن نعانى من خلايا نائمة أو طابور خامس موجود تحت جلدنا، ودورنا هو إبطال مفعول هذا الطابور وإجباره على الصمت والسكون، أما القتال والعنف فهما مسؤولية الدولة جيشًا وشرطة، ولا يجوز أن نخلع عن وطننا سيادة القانون لتحل محلها فوضى الثأر، فهذا يهددنا جميعًا، لأن من يلجأ إلى العنف يتعود عليه ويصعب أن يتوقف عنه، والقانون هو ملاذنا جميعًا فى كل الأوقات بما فيها الظروف الاستثنائية!