عبد الحميد اباظة
بلا ضجيج .. مسرحية الحياة!
يبدو أن للكرسي بريقاً وسحراً لا يقاوم والمراكز لها طقوس لابد أن تتم أحدها التعالي والنظرة من أعلي للناس ثم تمر الأيام والسنون ويأتي اليوم الذي لابد أن يأتي طالت المدة أو قصرت ويخرج المسئول من موقعه ويترك الوظيفة القيادية العالية ويعود مواطناً وإنساناً عادياً حتي لو نجح وأنجز لكنه يخرج لا يعلم لماذا ولا نعلم ايضا.
عاد الرجل لحياته السابقة "مهندساً. محامياً. مستشاراً وطبيباً وزراعياً" الخ.. أيا كان لتبدأ مرحلة أخري من حياته ماذا سيفعل مع من كان لا يرد عليهم أو يتعالي عليهم. أين الأضواء.
كل هذا تواري واختفي كأن لم يكن وأصبح الإنسان بمفرده كما كان لكن ماذا فعلت يا بني آدم. البعض يتواري تماماً ويغلق علي نفسه والبعض يحاول الالتحاق بأي عمل شعبي أو حكومي ليظهر ولو في طرف الإطار والصورة ولو حتي "بالبروفيل" والبعض يعود لعمله وحياته السابقة ولكنها ليست كما كانت أبداً كيف تتعامل مع الناس والأصدقاء والمعارف القدامي والأقارب الذين تنكرت لهم.
كيف تعيش وسطهم بعد مرحلة أغلقت علي نفسك وسمحت للمنافقين أن يعزلوك وتتكلم وتتعامل مع من يريدون هم ذلك أو من هم أكبر منك لتنال رضاهم ولو تعلمون أن الرضا زائل وغير آمن وغير مستمر ويخضع لمعايير ومصالح عديدة أما من عرفك قبل المنصب فهذا هو الحق والصداقة والأمانة لأنه عرفك ولم يكن يريد منك شيئاً ولم يطبق ايضا نظرية "مات الملك عاش الملك" لكنك تنكرت له وصورت له الحياة والكرسي والجاه والسلطة عكس الحقيقة "زخرف زائل".
عاد الرجل للمجتمع إذن هي مرحلة حصلت فيها علي دور البطولة علي مسرح الحياة وفي مسرحية زائلة ولم يحصل حتي تصفيق من القلب إنما التصفيق كان مجاملة وأولاد الأصول فقط كانوا معك قبل وبعد إنهاء المسرحية أولاد الأصول الذين لم تكن تلتفت لهم لأن أحد صفات المسئول الكبير الصرامة والتكشير والاستخفاف بالناس وكلما ارتفع المنصب زاد ذلك.
أليس هذا واقعاً نعيشه ونراه. كفانا الله شر أنفسنا وشر بطانة السوء وهدانا لصحيح الأمور ونجعل المنصب أمانة للخدمة العامة وخدمة قضايا ومبادئ والبساطة مع الناس وعدم إعطاء ظهرنا للأصدقاء والمعارف وخدمة الحق والناس لأن هنا الأمان وآه لو يعرف كل مسئول أو قائد ماذا كان وماذا سيكون بعد انتهاء دوره علي المسرح لانصلحت أمور كثيرة ولهدأت نفوس كثيرة.