الجمهورية
أحمد بهاء الدين شعبان
سمير الأمير .. والأدباء المظاليم
دفعتني واقعة انتحال أحد الكتاب السعوديين لقصيدة من أعمال الشاعر المطبوع. والأديب والناقد المصري المتميز. الأستاذ "سمير الأمير". المقيم بالمنصورة. إلي أن أقضي وقتا ممتعًا للغاية. علي فضاء شبكة الإنترنت. ومواقع صفحات التواصل الاجتماعي. مستمتعًا بفيض كتاباته شاعرنا العميقة. وقصائده "العامية والفصحي" البديعة. وهو إنتاج يشير إلي شاعر وأديب ومثقف متمكن. وفنان مبدع. في حاجة إلي إعادة تقديم للواقع الأدبي والفكري المصري. مثله مثل العشرات من المبدعين الممتازين خارج العاصمة. أو ما اصطلح علي وصفهم بـ"شعراء وأدباء ومثقفي الأقاليم". وهو وصف - من وجهة نظري جارح -إن لم يكن وصفاً بذيئاً يعكس. لدي مستخدميه نظرة استعلانية. عنصرية. لا تخفي علي لبيب. تنظر إلي الوطن مقسوما إلي فسطاطين:
ہ فسطاط أهل الجنة. الذي يضم أدباء ومثقفي ومبدعي "أولاد البطة البيضاء" المميزين. الذين يتباهون بالريشة الذهبية علي رءوسهم المباركة. وستجدهم علي الأرجح في العاصمة المدللة. "القاهرة" ووصيفتها المميزة. "الإسكندرية" وقليل نادر من المواقع الأخري.
ہ وفسطاط أهل الجحيم أو "أولاد البطة السوداء". الغلابة. المحرومين من عطف سدنة مثقفي "الدولة". أو نظرة تفاهم وتفهم لمبدعي باقي المليون كيلو متر مربع. هي مساحة المحروسة. حفظها الله. والذين لا يلقون إلا الإهمال. وبعض فتات الموائد الثقافية العامرة في العاصمة. لإسكات الأفواه المتذمرة. ولذر الرماد في العيون!.
***
ولا أقصد بهذا الكلام وزيراً أو غفيراً. فهذا الحال "المايل". قائم ومستمر. ربما منذ رحيل المثقف الكبير. وخادم الثقافة المصرية والعالمية الحقيقي. الضابط. "نعم الضابط. رغم أية ملاحظات موضوعية وغير موضوعية". "ثروت عكاشة". العظيم الذي حاول بإخلاص. ومن ورائه إرادة عظيم آخر. هو "جمال عبدالناصر". أن يخرج بالثقافة الحقة من أبهة القصور. إلي رحابة الساحات والقري والعزب والكفور.
نجح "ثروت عكاشة". أو لم ينجح مثله مثل "عبدالناصر". لا يهم المهم شرف المحاولة. ونيل القصد. والنتيجة التي أشعت النور في ظلام ريف مصر وصعيده. وأنجبت لنا الآلاف من المبدعين الكبار. من زوايا هذه الأرض الطيبة. نباهي بهم الأمم يوم القيامة. ومنهم شاعرنا وناقدنا: "سمير الأمير". الذي ينتمي إلي أسرة مبدعة بالسليقة. عميدها الشاعر والمناضل الكبير. الأستاذ "سمير عبدالباقي". والجيل الأحدث من الأبناء والأحفاد: "فيروز" و"لينا" وغيرهما.
ولعل هذه الواقعة أن تكون مناسبة طبيعية لإثارة قضية وضع الثقافة خارج العاصمة. ودور مبدعي المحافظات النائية والطرفية والفقيرة والمحرومة والمهمشة! ولست أغالي إذا ما قلت إن هذه القضية المهمة. هي واحدة من أهم القضايا الملحة الآن.
ولو سألنا أنفسنا لماذا يستفحل الإرهاب. وهو قضية القضايا. وسؤال الساعة اليوم. في هذه المناطق بالذات. أي المناطق المحرومة. ليس وحسب من التقدم الاقتصادي والاجتماعي. وإنما أيضا من الثقافة والفكر. والرعاية والدعم. لأدركنا أن العنف والتطرف والتكفير والتخوين. إنما يحتاج إلي بيئة حاضنة ينتعش فيها ويترعرع بين حناياها!.. هي بيئة الفقر والإملاق. بوجهيه: المادي. والفكري. ومن هنا فإن أي تفكير في مواجهة ناجعة للإرهاب. لا تضع الثقافة والفكر والإبداع علي رأس جدول أعمالها. مواجهة -للأسف الشديد- محكوم عليها بالفشل!.
***
ومن واجب مسئولي الدولة. إذا كانوا جادين بالفعل. في السعي لهزيمة الإرهاب والتخلف. والنهوض الفعلي بشعبنا وبلادنا. أن ينظروا نظرة جديدة. ملؤها الاحترام والتوقير. والاهتمام والتقدير. للأدباء والمبدعين. في كل محافظات الوطن. لا فرق بين العاصمة والمناطق النائية. بل وأن تنفق علي العمل الثقافي في هذه المناطق. أضعاف ما تنفقه علي العاصمة المتخمة. ذلك أن كل جنيه يصرف علي تشجيع الإبداع فيها. إنما يسهم في إغلاق بوابة من بوابات الدم والخراب والقتل والتدمير. في مصر كلها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف