يخطيء من يظن أن الأزمات تندلع فجأة.. فكل مشكلة صغيرة كانت أو كبيرة يكون لها مقدمات تنبيء عنها.. وإما ان تسارع الجهة المسئولة بالتدخل بأساليب وخطط مدروسة لوأدها وايجاد الحلول الفورية لها وتجنيد كل امكانياتها للقضاء عليها.. وإما ان تدير الأزمة بالطرق التقليدية والروتينية العقيمة التي عفا عليها الزمن فتتفاقم الأمور ويصبح الحل صعبا.
والحقيقة التي لا مراء فيها انه رغم حدوث ثورتين كان المواطن ينتظر بعدهما حدوث طفرة كبيرة للجهاز الاداري للدولة غير انه وللاسف مازالت بعض الوزارات والهيئات والجهات الحكومية تدار بنفس الأفكار التقليدية.. لاخطط مدروسة أو طويلة الأجل لسنوات طويلة وانما هي نفس الأساليب دون جديد.. موظفون يأتون ويذهبون وقد لا تمتد أياديهم لورقة والكل يريد زيادة المرتبات وهذا قمة الفساد والإفساد.. والا ما معني أن تتفاقم أزمة اسعار اللحوم ويعلن ملايين المواطنين بأعلي صوت "بلاها لحمة" في ظل مسئولية مشتركة لثلاث وزارات مسئولة عن توفير اللحوم للمواطنين.
يا سادة.. ارتفاع أسعار اللحوم ليس وليد اللحظة فقد شهد قفزات متتالية أصبح معها حصول المواطن البسيط علي قطعة لحم أمراً بعيد المنال.. بل من الأحلام المستحيلة علي الموظفين البسطاء اللذين يتقاضون جنيهات معدودات.. لقد فشلت الوزارات المسئولة في مواجهة كبار مستوردي وتجار اللحوم وتركتهم يتحكمون- كغيرهم- في السوق.. يفعلون ما يشاءون وعن المواطن البسيط الغلبان ما أكل لحمة.. المهم أن يحققوا الأرباح الطائلة ويأكلون مالذ وطاب من لحوم النعام والغزلان ويسكنون شتاءاً القصور الفارهة وصيفا منتجعات الساحل الشمالي ويشربون مياها خالية من المجاري.
ماذا فعلت الحكومة أمام ارتفاع اسعار اللحوم.. للاسف تركت الحبل علي الغارب لتجار السوق السوداء يتلاعبون باسعار الاعلاف ورفعت الراية البيضاء أمامهم وتركتهم يتحكمون ويفعلون ما يريدون وفشلت فشلا ذريعا بكل ألياتها في فرض سيطرتها حتي تفاقمت الأزمة وخرجت الأصوات من الحناجر هاتفة "بلاها لحمة"؟
والمضحك هو اعلان وزارتي التموين والزراعة عن توفير كميات من اللحوم البرازيلية والسودانية المستوردة المذبوحة والمجمدة باسعار لا تتجاوز أربعين جنيها وهي لا تعدو أن تكون تصريحات وردية وكلام ليل مدهون بالزبدة يطلع عليه النهار يسيح.. فالمواطن الغلبان طاف أرجاء مصر المعمورة بحثا عن هذه اللحوم الميمونة فلم يعثر عليها.. كما ذهبت منحة الـ100 ألف عجل اماراتي أدراج الرياح!!
وقد زف لنا البشري عضو مجلس الغرف التجارية د.أسامة خير بأن حملة مقاطعة اللحوم لن تؤدي إلي تراجع الأسعار متوقعا أن تصل إلي معدلات قياسية خلال الفترة القادمة.. الله ينور عليك يا عم أسامة- جبت من الآخر- ويارب حكومتنا الرشيدة تكون قد قرأت تصريحاتك المبشرة وترد عليها بحلول واقعية تراعي فيها المواطن الغلبان الذي نسي طعم اللحمة.. وللأسف كان ينتظرها في عيد الأضحي وربما لا تأتيه هذا العام في ظل عزم الكثيرين العزوف عن الذبح بعد الارتفاع الجنوني في الاسعار.
وأخـيرا..
والله لن ينصلح الحال إلا اذا قام كل مسئول وموظف ومواطن بأداء واجبه علي أكمل وجه واتقي الله في كل تصرفاته لأن مصر في هذه المرحلة تحتاج إلي مقاتلين شديدي الاخلاص يملكون القدرة علي القيادة وحل المشكلات.