المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. الدوران في دائرة مفرغة


الشمس ساطعة.. هذه حقيقة لا تقبل الجدل والتشكيك.. لكن. ماذا تفعل إذا أصر السيد وزير التربية والتعليم علي أن تأتيه بإثبات ودليل علي أن الشمس ساطعة. ولهيب أغسطس يشوي الوجوه.. لا لشيء إلا لأنه هو لا يشعر بذلك في مكاتبه المكيفة. وسيارته المكيفة؟!!.. ثم من هو ذلك الشخص العاقل الذي سيوفر لك الدليل والإثبات علي أن الشمس ساطعة؟!!
هذا نموذج لما يحدث في قضية الزيادات غير المنضبطة في مصروفات المدارس الخاصة.. فالناس تجأر بالشكوي.. والصحف مليئة بالحكايات والاستغاثات.. والوزير يصر علي أنه لا زيادة في مصروفات المدارس الخاصة في العام الدراسي الجديد سوي الزيادة المقررة بالقرار الوزاري. والتي لا تكون غير مرة واحدة كل خمس سنوات بنسبة ضئيلة جداً.
صحيفة "أخبار اليوم" نشرت تقريراً مفصلاً عن الزيادات المفاجئة في هذه المصروفات في عدد السبت الماضي علي لسان أولياء الأمور.. وهي زيادات مهولة تقصم الظهر.. ولكن الوزير يصر علي النفي. ويطلب الدليل.. أولياء الأمور يقولون إن الزيادات تتم بشكل غير مباشر في صورة طلب تبرعات أو زي مدرسي مبالغ في سعره. أو مضاعفة اشتراكات أتوبيس المدرسة.. وهذه كلها أمور لا يمكن إقامة الدليل عليها إلا من خلال لجان متابعة حقيقية تقارن بين ما كان في العام الماضي. وما استحدث في هذا العام.. لكن الوزير لا يريد أن يتحرك إلا بالدليل.. وبذلك دخل الموضوع فيما يشبه الدوران في دائرة مفرغة.
ونقلت "أخبار اليوم" عن المتحدث باسم رابطة أولياء أمور طلاب المدارس الخاصة أن الرقابة والتفتيش غائبان عن المدارس الخاصة.. ولا توجد آليات لتطبيق القانون علي المخالفين منهم من قبل وزارة التربية والتعليم.. منوهاً إلي أن المدارس الخاصة صارت كياناً مستقلاً داخل الدولة. وسجل هذا المتحدث تجربته الشخصية مع إحدي المدارس.. التي ذكر اسمها والمبالغ الزائدة التي طلبت منه.. مؤكداً أن هناك مدارس زادت مصاريفها من 9 آلاف إلي 13 ألف جنيه. ومدارس أخري من 4 آلاف إلي 7 آلاف جنيه.. وهناك 1600 ولي أمر بعثوا بشكاواهم إلي كل الجهات في مصر.. ووجه اللوم إلي وزارة التربية والتعليم لعدم تطبيق القانون المنظم لمصروفات المدارس الخاصة.. والذي يتيح للوزارة إلزام المدارس برد المبالغ الزائدة علي المصاريف القانونية إلي أولياء الأمور.. فالقانون موجود. ولكن ينقصنا تطبيقه.
علي الجانب الآخر يشكو أصحاب المدارس الخاصة من ارتفاع أموال التأمينات والضرائب المقررة عليهم.. وهي التي تدفعهم إلي مخالفة بند عدم زيادة المصروفات ومخالفة قرارات الوزارة.. وقالوا إن هناك مشاكل حقيقية بينهم وبين الضرائب والتأمينات.. ويرغبون في أن تكون الوزارة طرفاً في التدخل لإنهاء هذه المشاكل حتي يستطيعوا الالتزام بقيمة المصروفات المقررة.
المشكلة إذن معقدة.. وفيها تداخلات كثيرة.. وتحتاج من الوزير والوزارة الكثير من الجهد والمتابعة والرقابة.. لكن الوزير يستسهل الأمر بالنفي القاطع.. وينكر وجود أزمة من الأساس.. كمن ينكر وجود الشمس الساطعة.. ويطلب الدليل.. كمن يطلب الدليل علي أن الشمس مازالت ساطعة.
هل يخشي الوزير من الصدام؟!!.. هل يخشي من مفاجآت المدارس الخاصة؟!!.. هل هناك مصالح تربط هذه المدارس ببعض من هم حوله.. أم أن القضية تنحصر فقط في أن نظل ندور في الدائرة المفرغة؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف