الوفد
مجدى حلمى
ضرورة التوافق
ما يطمح له أي شعب في أي فترة انتقالية هو الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.. لأن الفترات الانتقالية غالباً تكون فترات متوترة وفوضوية خاصة بعد أي ثورة أو انتفاضة شعبية تحدث في أي بلد.. وهو الأمر الذي شهدته جميع البلدان التي شهدت ثورات شعبية كبري في السنوات الخمسين الماضية وهو ما يعرف بالموجات الديمقراطية.
وتختلف الثورات الشعبية ضد الأنظمة القمعية والديكتاتوريات عن الثورات ضد الاستعمار الأجنبي لأن في الأولي يكون هناك فريق ما مع بقاء هذه الأنظمة وله مصالح معها، كما أن من يمارس القمع والديكتاتورية هو من أبناء الشعب، أما الثانية فكل أبناء الشعب ضد الاستعمار الأجنبي لذا تكون المرحلة الانتقالية في الثانية أقل حدة من المرحلة الأولي.
وحتي نتخطي هذه المرحلة الحرجة التي طالت في مصر لابد من الالتفاف حول شيء أساسي ورئيسي هو التوافق المجتمعي علي قضايا ذات الأولية، أي القضايا الملحة من أمور اقتصادية واجتماعية وسياسية واقتصادية وأول هذه القضايا هي بناء المؤسسات الديمقراطية ومنها السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
وقد نجحنا بعد فترة مخاض كبيرة وقاسية ومكلفة أن نتفق علي رئاسة الدولة واختار المصريون رئيسهم فيما يشبه الإجماع الشعبي وبقي البرلمان الجزء الثاني من خارطة الطريق والذي منحه الدستور اختصاصات كبيرة لأول مرة في تاريخه بعد أن أخذ بنظام الغرفة الواحدة وإجراء الانتخابات البرلمانية بدون توافق حتي من مجموعة من القوي والأحزاب السياسية قد يؤدي إلي انهيار ما تم التوافق حوله وندخل في دوامة أخري ندفع فيها ما بقي من ثمن.
وتأتي دعوة الوفد التي أطلقها رئيسه الدكتور السيد البدوي شحاته لتحفظ ما بقي لنا من إمكانيات تساعد علي استعادة النهضة، والتوافق لا يعني أن نتفق في كل شيء ولكن علي الأقل أن نتفق علي الأمور الأساسية والقضايا الملحة التي تهم المواطن البسيط.. والاتفاق علي خوض الانتخابات البرلمانية في قائمة واحدة شيء مهم ولكن الأهم كما ورد في مبادرة الوفد هو التنسيق علي الدوائر الفردية حتي تتم إتاحة الفرصة لتجميع الأصوات خلف مرشح واحد في كل دائرة مدعوم من كل القوي المدنية.. خاصة أن التوقعات بأنه سيكون هناك سيل من المرشحين المستقلين وسيكون من بينهم مرشحون مدعومون من جماعات الإرهاب ومن عصابات المافيا ومن دول أجنبية.
الدعوة مهمة ويجب علي القوي المدنية وخاصة الليبرالية منها أن تجتمع فورا وتنسي الخلافات الشخصية والسياسية منها والجلوس علي طاولة واحدة وكل حزب يقدم أفضل ما لديه من مرشحين علي الفردي والقوائم والتوافق الوطني علي عبور الجزء الثاني من خارطة الطريق سوف يقينا أخطاراً كثيرة ويقي الشعب مشاكل عديدة تهدد مستقبله.
والتوافق لا يعني أن يأتي برلمان يتفق مع السلطة التنفيذية في كل شيء، بل برلمان يعمل علي مراقبة محكمة للسلطة التنفيذية فيما تقوم به من أعمال علي الأرض، برلمان يواجه محاولات الإرهاب زعزعة الاستقرار وضرب كل إنجاز يتم للانتقام من الشعب الذي ثار عليه في 30 يونيه 2013 وفي نفس الوقت يواجه محاولات رجال نظام مبارك إعادة الديكتاتورية لحكم مصر وتخوين وإرهاب كل من يختلف مع السلطة.
الدعوة التي أطلقها رئيس الوفد واضحة وتحمل رسالة واضحة ولا تقبل التخاذل أو التراخي فعلي كل مخلص لهذا الوطن أن ينحي خلافاته ومصالحه الشخصية وأن يلبي النداء من أجل هذه الأمة وأبنائها ومن أجل الأجيال القادمة التي نتمني أن نترك لهم شيئاً يتذكروننا به.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف